ليكسوس المغرب .. عبق من التاريخ يتحدث

ليكسوس هو الاسم القديم لمدينة العرائش الأثرية تم تشييد مدينة ليكسوس سنة 1180 قبل الميلاد على يد أحد ملوك الامازيغ في مملكة موريطنية القديمة، وعرفت المدينة ازدهارا كبيرا في عهد الملك الأمازيغي يوبا الثاني طوال القرن الأول قبل الميلاد. ليكسوس مدينة أثرية تبعد 3 كلم عن مدينة العرائش و22 كلم عن موقع زليل القريب من جماعة اثنين اليماني، إقليم طنجة.
بنيت على الضفة اليمنى لوادي اللوكوس من المدخل الشمالي للعرائش فوق هضبة تسمى التشوميس مطلة على الساحل الأطلسي على علو 80 مترا، تقدر مساحتها أكثر من 75 هكتار وقد لعب موقع ليكسوس باعتباره من أهم المراكز التجارية والحضرية الذي تعاقبت عليه مختلف الحضارات القديمة منذ ماقبل الميلاد إلى غاية المرحلة الإسلامية أدوارا طلائعية في تاريخ التراث الإنساني عموما والمتوسطي تحديدا ،وقد تم اكتشافها على عدة مراحل خلال القرن التاسع عشر الميلادي بدأ اهتمام الباحثين الغربيين بالموقع سنة 1845و سنة 1877م حيث تعرف عليها الباحث الفرنسي جاك فيتسو ثم في سنة 1890م وضع الباحث الفرنسي هينري دولا مرتينيير أول تصميم للموقع من خلال دراسته لتاريخ المدينة، إلا أن الحفريات الرئيسية بدأت سنة 1925م من طرف باحث إسباني موفد من طرف مصلحة الأثار الإسبانية خلال استعمارهم لمدينة العرائش، ولكن الأبحاث الأكثر أهمية كانت في فترة القرن العشرين والتي قام بها باحث إسباني أخر ميكييل ديتراكييل وذلك خلال الخمسينات حيث تركزت على الفترة الفنيقية بالموقع.

12196150_968282493220716_6970838839269893262_n

خلال أعوام الستيينات قام الباحث الفرنسي ميشيل فوسييك بابحاثه بالموقع قاده إلى اكتشاف حي المعابد بجميع مبانيه وكذا المسرح الدائري وهكذا تم التعرف على الموقع بجهود خارجية وبسيطة. وتعتبر المصادر التاريخية المدينة إحدى أقدم المنشآت الفنيقية بغرب البحر الأبيض المتوسط، إذ يذكر بلنيوس الشيخ، الذي توفي سنة 79م، بناء معبد أو مذبح هرقل المتواجد بجزيرة قريبة من مصب نهر اللوكوس، ويؤرخ له بالقرن الثاني عشر قبل الميلاد. كما يوطن المؤرخون القدامى بلكسوس موقع قصر أنتيوس ومعركته ضد هرقل، وكذا حديقة الهسبيريسات ذات التفاح الذهبي التي كان يحرسها تنين رهيب – هو في نظر بلنيوس تمثيل رمزي لنهر اللوكوس – إلا أن هذه المعطيات النصية لا تستند إلى أي إثبات أركيولوجي، وتبقى أقدم البقايا الفنيقية بالموقع ترجع إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، كما هو الشأن بالنسبة للمستوطنات الفنيقية على الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق. ابتداء من القرن الثالث ق. م عرفت المدينة تطورا معماريا تمثل في بناء حي سكني يحده من الناحية الغربية سور ذو طابع هلينستي يؤرخ بالقرن الثاني ق. م، وحياة دينية يبرزها المعبد المتواجد على قمة الأكروبول. ومع بداية القرن الأول ق. م، شيدت بالمدينة معامل لتمليح السمك وصناعة الكاروم والتي تعتبر من أهم المنشآت الصناعية في غرب البحر الأبيض المتوسط وتدل على مكانة المدينة التجارية بالمنطقة. أصبحت لكسوس مستعمرة رومانية خلال حكم الإمبراطور الروماني كلود (42-43 ب. م) ولقد عرفت خلال الفترة الرومانية عهدا جديدا تمثل في إنشاء عدة بنايات. إذ أصبح الاكروبول مركز الحياة الدينية وشيدت به عدة معابد ضخمة كما تم بناء حمام عمومي ومسرح – مدرج يعتبر فريدا من نوعه بالشمال الإفريقي. وعلى إثر الأزمات التي عرفتها الإمبراطورية الرومانية مع نهاية القرن الثالث بعد الميلاد تم إنشاء سور حول الاكروبول والحي الصناعي ودخلت المدينة عهدا من الانحطاط. خلال العهد الإسلامي، تفيد المصادر أن تشمس وهو الاسم الذي كانت تعرف به ليكسوس في هذه الفترة، قد عرفت انبعاثا جديدا حيث أصبحت عاصمة لإحدى الإمارات الإدريسية. إلا أن الأبحاث الأركيولوجية التي أجريت بالموقع لم تكشف إلا عن مسجد صغير ومنزل بفناء بالإضافة إلى عدة قطع خزفية تؤرخ بالفترة الممتدة من القرن الثاني عشر إلى القرن الرابع عشر الميلاديين.

للعرائش تاريخ عريق لا يمكن نسيانه أو تناسيه لكونها من أقدم المدن المغربية ، عرفت أربع حقب ( فينيقية و قرطاجية و رومانية و إسلامية ) كما تسبب موقعها الإستراتيجي ” القريب من أوروبا و المتواجد في الشمال الغربي من المغرب و المطل على المحيط الأطلسي ” في تعرضها للغزوات الاستعمارية الأيبيرية ، هذا التعاقب الحضاري ساهم في منح المدينة العديد من المعالم التاريخية التي تعكس غنى ثقافة المدينة و التي حافظت بالخصوص على أثار الوجود الإيبيري الذي اندمج مع العمارة الإسلامية ، في حين تضل لكسوس المدينة القديمة شاهدت على عظمة فترة تاريخ المغرب القديم . كما لعبت العرائش على امتداد تاريخها و علاقتها بالمناطق المجاورة لشمال المغرب و الأندلس دورا بارزا حيث تتمتع بخصائص مماثلة سواء من حيث الأصل أو من حيث التطور .و على اثر الانحطاط و الاندثار لمدينة لكسوس الأثرية خلال القرون الوسطى ، تم تدعيم مدينة العرائش التي كانت بمثابة مجموعة حضرية صغيرة واقع على ربوة تطل على مصب نهر اللوكوس .

اللوكوس :

2

واد لوكوس هو نهر رئيسي في شمال المغرب. على الرغم من أنه قصير نسبيا (حوالي 100 كيلومترا)، إلا أنه هو ثالث أوسع مجرى مائي في المغرب بتدفق متوسط 50 متر³ بالثانية. يأخذ نهر اللوكوس مصدره في جبال الريف، ويصب في المحيط الأطلسي عند مدينة العرائش، حيث أن ميناء المدينة هو داخل النهر. وحوض نهر لوكوس هو 3،730 كلم² ويحتوي على واحدة من أخصب الأراضي الزراعية والإنتاجية في البلاد. من روافد النهر، وادي المخازن، وهو يحمل اهمية تاريخية كبيرة، لأنه شهد واحدة من المعارك الأكثر حسما في تاريخ المغرب : معركة القصر الكبير يوم 4 أغسطس 1578 عندما تعرض الجيش الصليبي البرتغالي تحت قيادة سيباستيان من البرتغال لهزيمة ساحقة من طرف الجيش المغربي تحت حكم سلالة السعديين.

مدينة العرائش من أجمل المدن الشمالية .. مدينة هادئة بها كل مقومات السياحة الناجحة .. مناخ ، موقع ، جمالية ، هدوء …

راديو تطوان

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. كريم الأندلسي يقول

    العرائش موضوع بحثي و مدينتي الغراء موضوع بسيط و جميل و به معاني التخطيط المحكم شكرا راديو تطاون لهذه الالتفاتة للعرائش المختفية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.