جماعة السحتريين بإقليم تطوان أي مقومات لتنمية محلية ؟

شارك هذا على :

جماعة السحتريين التابعة لقيادة بني يدر دائرة جبالة بإقليم تطوان، لم يشفع لها قربها من المجال الحضري لتطوان التي لا تبعد عنه سوى بستة كيلومترات، وما تزخر به من مؤهلات طبيعية وفلاحية وسياحية لتنال حظها من التنمية من الجماعات الفقيرة أو المفقرة إن صح التعبير، داخل إقليم تطوان، إذ تعاني من العزلة والتهميش والإقصاء الاجتماعي.

DIGITAL CAMERA

فلا يمكن الحديث عن مظهر من مظاهر التنمية أو حتى نواة لمشروع قد يخرج المنطقة من تخلفها، حيث الغياب شبه التام للمسالك الطرقية والمرافق الاجتماعية الضرورية وانعدام كلي لأدنى شروط العيش الكريم..يمكن وضع حد لهذا التردي إلا بسن سياسة تنموية هادفة تستهدف الأبعاد البشرية والاجتماعية والاقتصادية وتتطلب مخططات بعيدة ومتوسطة المدى , تجند لها كل الإمكانيات الانجاز والتنفيذ , وتحشد لها جميع وسائل الدعم والمساندة , من تعبئة الفاعلين , وإشراك المعنيين في المتابعة , والحماس لإنجاحها , ولتبرير ضرورة العمل على الإسراع في تنمية المنطقة لابد من التذكير بالوضعية المتردية التي تعيشها الدواوير على المستويين الاقتصادي والاجتماعي والمتمثلة في انخفاض مستوى التنمية وكذا ضعف البنيات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية حيث تعاني من العزلة والتهميش بسبب غياب التجهيزات الأساسية كالطرق والكهرباء والماء الصالح للشرب والمراكز الصحية ومشاريع اقتصادية مدرة للدخل مما يزيد من استفحال ظاهرتي الأمية والفقر، حيث أن نسبة مهمة من الساكنة تعيش تحت عتبة الفقر الشيء الذي يؤدي حتما إلى ارتفاع البطالة والهجرة نحو المدن.

IMG-20160205-WA0007
فالتنمية هي اختيار سياسي واجتماعي واختيار من أجل التضامن في الحاضر وهي بالأخص تضامن مع الأجيال المقبلة في المستقبل. ولهذا فإن العمل الجمعوي التنموي يشكل ليس فقط مرجعية لباقي المتدخلين والفاعلين بل قوة يعول عليها لتغيير السلوكات وللنهوض بواقع الساكنة والدواوير في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بسن سياسة تنموية مستديمة لأن التنمية المراد الوصول إليها ذات بعد شمولي تدمج فيه جميع الساكنة وتتحاشى التسبب في تهميش أحد، وبعيدة كل البعد عن الحسابات السياسية الضيقة ,لذلك يجب أن تنبني على التضامن والتماسك بين كل أفراد ساكنة الدواوير دون تمييز وتتعامل مع كل الإمكانات المحلية على تنوعها ثم تقوم باستثمارها.
وأمام هذا الوضع الكارثي الذي تعيش على إيقاعه هذه الجماعة القروية المحاذية لمدينة تطوان، والمشاكل الجمة التي تتخبط فيها والتي تؤدي فاتورتها الساكنة التي تعيش تحت عتبة الفقر والتهميش والإقصاء، ونظرا لافتقار الجماعة للموارد المالية اللازمة استغلالها لتنمية المنطقة وتمويل مشاريع اقتصادية واجتماعية تعود بالنفع على مواطنيها، يسجل الغياب الكلي للمجلس الإقليمي لتطوان الذي يبدو واضحا تخليه النهائي عن تنمية العالم القروي مقابل تبذير ماليته في مشاريع جوفاء داخل المجال الحضري لا تعود على المواطن المحلي بأي فائدة تذكر، وكذا مجلس الجهة الذي لم يسجل بدوره أي تدخل لفائدة جماعة السحتريين بصفة خاصة والعالم القروي بصفة عامة، إلى جانب وكالة تنمية الأقاليم الشمالية التي رفعت هي أيضا يدها عن المنطقة، فضلا عن غياب تام لأي مشروع يدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعمل على تحسين مستوى عيش السكان رغم قساوة الظروف الطبيعية والبشرية وقلة الإمكانيات المادية المخصصة لمثل هده المناطق القروية والتي تجعل تلك التنمية غير متجانسة فقد أصبح الاهتمام منصبا على تنمية وإعطاء الأولوية للدواوير التي تعاني ساكنتها التهميش والإقصاء أكثر من الدواوير الأخرى, لكن هذا الاهتمام لم يكن من طرف الجماعة وحدها بل برز على الساحة مجموعة من الفاعلين من المجتمع المدني وبالخصوص جمعيات تنموية محلية تجندت بكل إمكانياتها المتاحة للعمل على ضمان تنمية مستدامة لساكنة الدواوير.

IMG-20160205-WA0006
و يبقى دور الجماعة القروية السحتريين دورا رئيسيا فيما يرجع إلى النهوض بهذا الواقع الهش بالمنطقة. هذا الدور الذي يظهر جليا من خلال مجموعة من المشاريع التي عرفتها جماعات أخرى كجماعة عين لحصن و صدينة بفضل تضافر جهود مجالسها القرية لفك العزلة عنها بفتح المسالك وتعبيدها ، وتشجيع مشاريع اقتصادية مدرة للدخل ودلك بدعم الجمعيات المحلية بالمنطقة بالإضافة إلى الحرص على تحسين جودة التعليم والصحة، وبناء مأوى سياحي عصري بالمنطقة لتشجيع السياحة الجبلية بالإضافة إلى مشاريع سيتم البدء بإنجازها كربط الدواوير المتبقية بشبكة الكهرباء.
و يبقى دور الهيئة المنتخبة محليا، ممثلة في مجلسها الجماعي القروي، ذا مسؤولية على مستوى محاربة الهشاشة، التهميش و الإقصاء الاجتماعي ودعم الأنشطة المدرة للدخل، تطوير القدرات التنموية و تحسين وضعية ولوج الخدمات الأساسية ( تعليم، صحة، طرق، ماء صالح للشرب، الربط بشبكة الكهرباء حماية البيئة ، دعم أشخاص في وضعية صعبة قصوى ).
إن مقاربة التنمية القروية المستديمة للدواوير تعد الطريق الأهم للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للساكنة , وتحقيقها رهين بمدى تضافر جهود كل المعنيين وبذل المزيد من التضحيات لرفع التحديات لتدارك حاجيات الساكنة من تعميم للبنى التحتية وتوفير الخدمات الاجتماعية ولأنشطة مدرة للدخل.

راديو تطوان

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.