آشمن “أَخْونة”.. نحن بلد السردين.. والسردين أصبح غالٍ على المسكين
كل تلك المراجعات التي زعم “بنكيران” ووزراؤه تبنيها لتهذيب مرجعيتهم الإخوانية إلى مرجعية مالكية على المذهب الملكي العلوي التيجاني البودشيشي والعقيدة الأشعرية، لم تُؤتِ أكلها مع المخزن. وكل تلك التصريحات التي أطلقها “بنكيران” بعد توليه السلطة مستدركا ما كان قد قاله من قبل، أن حفل الولاء والركوع هي تقاليد مغربية خالدة بعد أن كان قد وصفها بالتخلف، وأن موازين مهرجان “زين” بعد أن كان قد وصفه بالفسق… إلخ، لم يصدقها على ما يبدو الملك ومحيطه، بل اعتبروها تقية وتمويها إلى أن يتوغل بنكيران داخل المؤسسات والإدارات، ولربما داخل المربع الملكي بالدفع بأحد قيادييه لتولي منصب مستشار… حتى إن تمكنوا تسلطنوا.
وهذا هو السبب المنطقي الوحيد الوارد لفهم الحرب المخزنية الهوجاء التي يشنها القصر وأذرعه من أمن وداخلية إلى إعلام داخلي، بل خارجي لكسر ظهر العدالة والتنمية، موقنا ـ المخزن ـ أنه لن يستطيع الفوز على الحزب “الإخوانجي” عبر صناديق الإقتراع، فاختار له ليّ الذراع. وآخر ما يحاول عبره المخزن ليّ ذراع العدالة والتنمية، هو إنزال يحدث يوم الأحد 18/09/2016 بمدينة الدار البيضاء بدعوى أن الشعب ينظم مسيرة ضد أخونة الدولة، ولا بد أن المخزن ينوي تمويل الترويج لها في المنابر الإعلامية الخارجية كما سبق وروج لفضيحة شيخي التوحيد والإصلاح، وسبق وروج لتصريحات مرشح الحزب “احماد القباج” التي يسب عبرها اليهود، ما أثار حفيظة اللوبيات اليهودية الخارجية التي ضغطت لإزاحته، وكذلك سيحاول الترويج لكون الشعب المغربي ضد مرجعية هذا الحزب وهو قمة الكذب على ذقن هذا الشعب.
المغاربة تحولوا من متعاطفين مع حزب العدالة والتنمية إلى معارضين، لأنه وعد بإصلاح أوضاع المستضعفين المادية ولم يصلح غير أوضاع وزرائه وخدام دواوينهم.
الشعب المغربي شرب الكثير من مقالب تجار المرجعيات، منذ الإتحاد الإشتراكي إلى هذا الحزب الذي ادعى يوما أنه إسلامي، وفي كل مرة يتأكد ويزيد تأكدا أن مرجعية البلد وقوانين المدونات التي تحكم القضاء والمجتمع هي بيد الملك، والملك وحده، يستشير لأجلها من يشاء ويختار من محيطه، وزيره التكنوقراطي المعين منذ عام الجوع بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية “أحمد التوفيق”، أمين السر البودشيشي وحامي معبد إمارة المومنين. يستشير من يشاء من حقوقيين ليوازن قراره مع انتظارات وتوقعات وضغوطات ما وقع المغرب من بنود التبادلات الحرة بين أمريكا والإتحاد الأوربي، ويخرج بالقرار الذي يبقيه أميرا للمؤمنين، يزيد من صبر المجتمع الدولي، ويسكن الغليان الشعبي. ولا حزب، بأية مرجعية كانت، له أي دور في تلك القرارات غير نقلها للشعب وتلقي وابل الشتائم والإنتقادات، وهو بالضبط دورهم في البلد، تلقي الشتائم والإنتقادات بدلا عن القصر بمقابل مادي سخي.. إيوا شنو بغاو؟ وبالتالي فكل هذه الحروب الأيديولوجية الإسلامية اللادينية التي يخوضها بعض الأزلام وتخربشها بعض الأقلام ليست سوى ذرا للرماد في عيون المواطن “الجيعان العريان” الذي لا شأن له من هذا كله غير طرف د الخبز”.
نعم، الشعب المغربي لن يخرج في هذه المسيرات المفبركة ولن يشارك المخزن هذه المسرحيات “الحامضة” ولا يأبه بادعاءات أخونة الدولة، بل إنه وقف في وجه هذا الحزب “البوجادي” لأسباب مادية. المغاربة تحولوا من متعاطفين لحزب العدالة والتنمية إلى معارضين، لأنه وعد بإصلاح أوضاع المستضعفين المادية ولم يصلح غير أوضاع وزرائه وخدام دواوينهم.. وقف الشعب ضده بسبب سياسة التفقير التي نهج والزيادات في المعيشة وانتقاص الرواتب، المغاربة ضد هذا الحزب بسبب الملفات التي مرر بأوامر سامية وبتعليمات البنك الدولي لتدليل المستثمرين وقتل الطبقة المتوسطة، ضد كل ما سماه إصلاحات، ولم تكن سوى إرهاصات وإخراس لصوت المفقرين وغليان الموظفين.. المغاربة ينتظرون حزبا بأجندة اقتصادية، تضمن لهم معيشة كريمة، سكنا لائقا، مستشفى ومدرسة محترمين، خدمات عمومية جيدة.. وظيفة في العام برواتب تكفي معيشتهم، رفع الحد الأدنى للأجور، وظائف في الخاص تحترم إنسانيتهم، بتغطية صحية وعطلة سنوية وضمان اجتماعي.. المواطن المغربي يريد التوجيه المدرسي لأولاده وسوق شغل يسع الجميع، يريد رأسمالية اجتماعية ألمانية، يتطلع لـ “مركيل” وكأنها امرأة أحلام لا نستحقها.. يريد تعويضا عن الولادة ومساعدة الأم والطفل وتعويضا عن العطالة وتوجيها لفرص العمل، وتقاعدا مريحا في أجله.. يريد “الفلوس”.. “الفلوس” المهربة في الخارج.. أين الثروة! يريد سكنا لائقا.. خدام الدولة! يريد العدالة الإجتماعية.. والعطلة للجميع.. أين الفسفاط؟
كفى من تعتيم المطالب الحقيقية بالصراعات الوهمية، “آشمن أخونة نحن بلد السردين.. والسردين أصبح غالي على المسكين”.
مايسة سلامة الناجي