“مناسك” تذل المعتمرين المغاربة العالقين بمطار جدة… ووكالات الأسفار تتخلى عن مسؤوليتها

شارك هذا على :

تحت سماء مطار جدة، وفي أقدس البقاع لدى المسلمين، تتكشف فصول مأساة إنسانية تهز الضمير. ما يقارب 350 معتمراً مغربياً، غالبيتهم من كبار السن والمرضى، يجدون أنفسهم عالقين، مرميين على الأرض، بلا طعام، بلا مأوى يليق، وبلا أي معلومات شافية حول مصيرهم. السبب المعلن؟ “مشكلة تقنية” غامضة تكتنفها شركة الطيران “ماناسيك”، تاركة وراءها أسئلة غاضبة واستياءً عميقاً.

إن هذا المشهد، الذي يبعث على الحزن والغضب، يمثل وصمة عار حقيقية. كيف يُسمح لضيوف الرحمان، الذين قصدوا بيت الله الحرام بنفوس طاهرة وقلوب خاشعة، أن يُعاملوا بهذه الطريقة المهينة؟ أين هي أبسط معايير الرعاية الإنسانية؟ وأين هي المسؤولية الأخلاقية والقانونية للشركات الناقلة بتطوان والجهات المشرفة على تنظيم رحلات العمرة؟
إن الأعذار التقنية، وإن كانت واردة، لا يمكن أن تبرر هذا الإهمال الصارخ. فالمشكلات التقنية تحدث، ولكن التعامل مع تبعاتها هو ما يميز بين شركة مسؤولة وأخرى لا تبالي بسلامة وراحة عملائها، خاصة عندما يتعلق الأمر بفئة مستضعفة من كبار السن والمرضى. إن ترك هؤلاء العالقين يبيتون على الأرض، يعانون الجوع والعطش والقلق، هو فعل غير إنساني بكل المقاييس.

الأكثر إيلاماً في هذه القصة هو البعد الآخر للمعاناة. فهذه الطائرة نفسها كان من المفترض أن تعود لتحمل فوجاً جديداً من الحجاج المغاربة، يقدر بنحو 400 شخص. هذا التأخير القسري لا يعرض فقط هؤلاء المسافرين للإحباط والتأجيل، بل يثير مخاوف جدية بشأن مصير رحلتهم وإمكانية أدائهم للمناسك في وقتها المحدد.

إن ما يحدث في مطار جدة ليس مجرد تأخير لرحلة طيران، بل هو انتهاك لحقوق الإنسان وإهانة لضيوف الرحمن. إنه يستدعي تدخلاً عاجلاً وحازماً من جميع الجهات المعنية. يجب على السلطات المغربية التحرك الفوري لضمان سلامة ورعاية مواطنيها العالقين، وتوفير الدعم اللازم لهم. كما يجب عليها فتح تحقيق شامل وشفاف لمحاسبة الشركة الناقلة وشركة “ماناسيك” على هذا التقصير والإهمال، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة في المستقبل.
إن كرامة المعتمرين المغاربة ليست سلعة قابلة للمساومة.

إن السكوت عن هذا الإذلال هو تواطؤ معه. لذا، يجب أن ترتفع الأصوات مطالبة بالعدالة والإنصاف، وبضرورة توفير الحماية والرعاية اللازمة لضيوف الرحمن في كل زمان ومكان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.