عدسات آسيوية مغشوشة تهدد المغربيات بالعمى

تقبل العديد من النساء المغربيات على شراء العدسات اللاصقة الملونة بهدف الحصول على مظهر فاتن، غير أنها حولت حياة بعضهن إلى حجيم، بعدما تسببت لهن في مضاعفات صحية خطيرة. هذه العدسات التي وجدت طريقها إلى السوق المغربية عن طريق التهريب غالبا ما تكون منتهية الصلاحية أو مقلدة.
فأين تباع العدسات الملونة الضارة بصحة العيون؟ وما هي أسعارها؟ وكيف تؤثر على العين؟ أسئلة وأخرى يجيب عنها التحقيق التالي.
تقع العديد من الشابات ضحايا لجشع مروجي العدسات اللاصقة المضرة، فمنهن من فقدن حاسة البصر، فيما أصيبت أخريات بتقرحات في العين ومازلن يخضعن للعلاج لإنقاذ أنفسهن من خطر العمى.
ليلى شابة في العشرينات من عمرها واحدة من ضحايا العدسات اللاصقة الملونة، أصيبت بتقرح في قرنية العين.
تحكي أنها اشترت العدسات بـ 60 درهما لدى صاحب محل لبيع مواد التجميل، وبعد استخدامها للمنتوج شعرت بحكة مع احمرار في العين ونزول الدموع .وتضيف أنها بعدما ذهبت إلى الطبيب تبين لها أنها أصيبت بقرحة القرنية حيث دام العلاج لعدة أشهر من خلال استخدام بعض أنواع القطرات والحقن، من أجل التئام سطح القرنية.
عدسات ” بيريمي”
تشكل مجموعة من العدسات اللاصقة التي تباع لدى الباعة المتجولين أو أصحاب محلات مواد التجميل المعروفين بـ”مالين المكياج” خطرا على صحة النساء، وتدخل هذه العدسات عن طريق التهريب، وغالبا ما تكون منتهية الصلاحية أو مزورة التاريخ.
انتقلنا إلى منطقة درب عمر بمدينة الدار البيضاء، حيث صادفنا أحمد وهو بائع مواد تجميل بالجملة. بعد تردد طويل قال أحمد: “أبيع عدسات ذات جودة عالية فنحن نخضع للمراقبة وبالتالي لا يمكننا بيع سلع تشكل خطرا على صحة النساء، لكن في مقابل ذلك فالمهربين الذين ينشطون في المناطق الحدودية هم من يروجون للعدسات المنتهية الصلاحية، والتي توزع على أصحاب محلات بيع مواد التجميل”، ويضيف أحمد أن العدسات اللاصقة تباع في قنينة محفوظة داخل سائل خاص بها، وفي علبة تحمل تاريخ الصلاحية ومصدرها وعنوانها وأرقاما تحيل على المختبر الذي صنعها حتى يتم اللجوء إليه في حالة ما إذا تسبب المنتوج المقتنى بصفة قانونية في أمر طارئ أو مرض ما. غير أن هذه العلب غالبا ما تكون إما قد استوفت تاريخ الاستعمال أو أنها مزورة التاريخ عن طريق تبديل تاريخ الإنتاج القديم بآخر جديد، ووضع ملصق عليها يبين أنها صنعت في الولايات المتحدة وطمس العبارة التي تشير إلى أنها صنعت في آسيا.
تستخدم العدسات اللاصقة سواء كانت منتهية الصلاحية أم جيدة خلال مدة زمنية محددة من شهر إلى ستة أشهر، غير أن بعض الباعة يوهمون النساء بأنها تطول لمدة أكثر، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية.
وكشف العديد من المختصين أن العدسات اللاصقة تحفظ في محاليل لمدة زمنية محددة لا يجب تجاوزها، لأن ذلك يؤدي إلى تفاعلات في مادة المحلول تتكاثر فيه على إثرها طفيليات تنتقل إلى العدسة التي بدورها تنقلها إلى عين المستخدم.
وأوضح المختصون أيضا أن العدسات نفسها مصنوعة من مواد بلاستيكية ذات عمر افتراضي محدد لا يجب تجاوزه وإلا تحولت تلك المواد إلى سامة.
العدسات الصينية والتقليد
بالرغم من بيع عدسات غير منتهية الصلاحية إلا أنه يصعب على النساء التمييز ما بين العدسات المغشوشة والأصلية، خاصة أنه لا يمكن تجريب العدسات إلا بعد شرائها.
نور الدين مبصري خبر العدسات اللاصقة لسنوات يقول خلال حديثه مع الجريدة إن محلات بيع مواد التجميل وصالونات التجميل يبيعون عدسات لاصقة رديئة الصنع قادمة من دول شرق آسيا عن طريق التهريب.
ويؤكد نور الدين أن هناك عدسات مغشوشة تباع على أنها أصلية وتقلد الماركات العالمية والمشهورة، إذ يصعب كشفها إلا أنها تختلف من حيث المواد التي تدخل في تركيبتها، فبمجرد استخدامها تشعر النساء بصداع حاد واحمرار في العين وحكة.

ويضيف نور الدين أن العدسات المغشوشة تؤدي إلى الإصابة بالتهابات القرنية الضوئية والمياه البيضاء والعمى الضوئي، كما تساهم في زيادة الشيخوخة للشبكية، وتعرض العين لكمية أكثر من المطلوب من أشعة الضوء، كما تعرض العين للإصابة بالالتهابات الجرثومية والمناعية وجفاف العين ونمو شعيرات دموية في القرنية وعتامتها، كما أنها تمنع الأوكسجين عن القرنية وتضغط القرنية لدرجة قد تسبب الالتهاب المناعي، ما يؤدي إلى جروح سطحية والإصابة بالتقرحات الجرثومية. لذا ينصح بعدم استعمال العدسات التي تباع بشكل عشوائي، والتي تشكل خطرا على حاسة البصر.
جمال فاتن وحياة مرة
يؤدي استخدام العدسات الملونة مجهولة المصدر إلى مشاكل خطيرة قد تؤدي إلى الإصابة بالعمى.
السعدية واحدة من ضحايا العدسات المغشوشة كادت أن تفقد حاسة البصر لولا نقلها إلى المستشفى على وجه السرعة.
تحكي السعدية والدموع تنهمر من عينيها أنها أصيبت بتقرح القرنية مما أدى إلى إصابتها بضعف في البصر عند استخدامها لعدسات اشترتها بمائة وأربعين درهما، إذ أخبرها بائع مواد التجميل بأنها صالحة لمدة ستة أشهر. وتضيف السعدية أنها ارتكبت خطأ جسيما، فبالإضافة إلى أن العدسات ذات صنع رديء غير أنها نامت من دون إزالتها مما تسبب لها في احمرار العين وعدم قدرتها على الرؤية بشكل واضح لتنقل على وجه السرعة إلى المستشفى.
وبالرغم من مرور سنة على الحادث، غير أن السعدية لم تتمكن من استعادة عافيتها مائة بالمائة، إذ أصبحت تضع النظارات الطبية بسبب ضعف بصرها.
تقول السعدية: “أنصح جميع الفتيات اللواتي يرغبن بتغيير شكلهن أن لا يستخدمن عدسات مجهولة المصدر، فالعين جد حساسة ولا يستهان بها”.
يحذر الخبراء من النوم بالعدسات اللاصقة بسبب عواقبها الوخيمة على العينين، فقد تؤدي إلى الإصابة بالتهابات حادة وتراجع حدة الإبصار، وربما يتسبب في فقدان البصر والعمى.

ورغم أن العين تحمي نفسها من خلال السائل الذي يغطيها والذي يحتوي على بعض الأنزيمات الواقية، كما أن وظيفة الرموش أيضا حماية العينين من الأجسام الصغيرة والغريبة التي قد تدخل العين، إلا أن بعض الميكروبات يمكن أن تخترق تلك الخطوط الدفاعية وأن تصل إلى العين.
مضاعفات صحية
مضاعفات العدسات اللاصقة كثيرة، فقد كشف بحث طبي أشرف عليه باحثون من مركز “لانجون” الطبي بجامعة نيويورك الأمريكية عن نتائج خطيرة للغاية بشأن العدسات اللاصقة، حيث أكدت أنها ترفع فرص إصابة العين بالميكروبات الخطيرة.
وأشار الباحثون إلى أن العدسات اللاصقة تلتقط مجموعة كبيرة من البكتيريا من الجلد قبل وضعها داخل العين، وتتسبب في الإصابة بالالتهابات والأمراض البكتيرية، لافتين إلى أن تحليل البكتيريا الموجودة في عدسات العين أثبت أنها تتطابق مع الميكروبات الموجودة على جلد الإنسان، وهو ما يعني انتقالها غالبا أثناء تركيب العدسة.
ومن أشهر أنواع البكتيريا التي وجدت داخل العين وبالجلد، حسب ما أثبتته التجارب: بكتيريا “Methylobacterium” وبكتيريا “Lactobacillus” و”Acinetobacter ” و”Pseudomonas “، وأوصى الباحثون بضرورة غسل اليدين جيدا وتعقيمهما ثم تجفيفهما قبل وضع العدسات، ويجب تعقيم العدسة اللاصقة باستخدام المحلول المخصص لذلك قبل تركيبها بالعين.
وأضاف الباحثون أنه لا ينبغي السباحة أو الاستحمام أثناء ارتداء العدسات اللاصقة، حتى لا نتعرض لإصابات خطيرة تؤدي إلى العمى، ولا يجب استعمالها لفترات طويلة، بالإضافة إلى ضرورة عدم وضعها أثناء النوم.
تحذيرات من أجل الوقاية

للحد من التعرض أو الإصابة بأحد المضاعفات ينصح الخبراء بغسل اليدين دائماً قبل التعامل مع العدسات اللاصقة؛ للحد من فرصة الحصول على وجود عدوى أو بكتيريا ضارة من اليدين، ومن ثم إلى العدسة والعين.
وفي حالة حصول اضطراب مفاجئ في الرؤية، أو حدث احمرار شديد بالعين، تجب إزالة العدسات فورا، والذهاب إلى العيادة الطبية؛ لإجراء الفحوصات اللازمة لتجنب أي خطورة قد تحدث.
كما يجب اتباع توجيهات الطبيب بدقة، وجميع تعليمات وصفة الاستخدام السليم للعدسات اللاصقة ومنتجات العناية بالعدسات.
ويستحسن الاتصال بشركات إنتاج العدسات، لمعرفة المحاليل الخاصة والموصى بها، فلكل نوع من العدسات محاليله الخاصة به.
ويدعو الخبراء إلى التأكد من تاريخ صلاحية المحاليل، وعدم استخدام منتهية الصلاحية، وفرك العدسات اللاصقة الخاصة، وفقاً لتوجيهات وصفة الاستخدام السليم من منتجات العناية بالعدسات. ويحذر الأطباء من غسل العدسات الخاصة بماء الصنبور، أو المياه المعدنية، أو المقطرة، ويرجى عدم تعرضها لمياه البحار والبرك عند السباحة.
ولا يجب الضغط على العدسات بواسطة الفم لترطيبها، فاللعاب لا يعتبر حلاً أو معقماً؛ لأنه قد لا يخلو من البكتيريا.
كما يتم إزالة العدسات عند التعرض للهواء الجاف أو التجفيف مباشرة، لأنه قد يؤثر عليه، مما يجعلها بيئة خصبة لنمو البكتيريا.

راديو تطوان-جريدة الاخبار

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.