سنطيحة اوزين

لايزال السيد أوزين وزير الشباب و الرياضة المقال أو  ” المستقيل ” يحطم في الأرقام القياسية على الأقل على المستوى الوطني في مجموعة من التخصصات التي لن يستطيع تحقيقها إلا رجل مثله، وجد نفسه بين عشية وضحاها من رجل معدم و فقير إلى وزير يأمر و ينهي بعد أن عرف كيف يثبت هذا المسار القياسي انطلاقا من مصاهرة إحدى القياديات المتحكمات في دواليب حزب الحركة الشعبية.

فأول رقم حطمه هذا الوزير الشباب هو نسبة ظهوره على القنوات الإعلامية بمختلف تنوعاتها إذ لا نجد أي برنامج إذاعي أو تلفزي أو ركن في جريدة إلا و تجده يدلي برأيه أو يتحدث عن سيرته الذاتية إلى درجة أنه يفصح عن حقائق مريعة قد تشكل وصمة عار على حياته الشخصية و المهنية مثل اعترافه في برنامج “رشيد شو” أنه كان يغش في الامتحان من أجل النجاح بسهولة في البكالوريا، فهل هذا التصريح يليق بشخصية عامة يفترض أنها نموذج و قدوة لجميع الأجيال القادمة، ألا  يؤثر هذا الأمر على التلاميذ و الطلبة عند سماعهم أن وزير يتبجح بكل وقاحة و يعترف بكل صراحة أنه غش في الامتحان،  ألن يؤثر ذلك على المسار العلمي و التربوي للكثير من الاجيال الناشئة .

أرقام أوزين القياسية  لم تقتصر على الظهور الإعلامي، ولكن ايضا حتى على مستوى الفضائح التي غزت حياته فقبل الفضيحة الكبرى التي رافقت “مونديال ” الأندية و غرق المركب الرياضي مولاي عبد الله بواسطة مياه الأمطار و تحوله إلى بركة مائية عائمة جعلت العالم كله يشاهد مستوى البنيات التحتية التي كنا سننظم بالاعتماد عليها عدة مونديالات الحمد لله أننا فشلنا في الفوز بشرف تنظيمها، ناهيك عن التهكمات و قهقهات الضحك الجنوني الذي إنتاب العديد من الإعلاميين الذين كانو يتابعون الحدث عبر شاشات التلفاز و يرون كيف تم إستعمال ” الكراطة ” و ” البونجة ” من أجل مواجهة تهاطل الأمطار الذي لم  يكن بأي حال من الأحوال بتلك القوة التي نشاهدها في الملاعب أوربا ولا يؤثر قيد أنملة على مستوى الأرضية وصلاحيتها  للعب فوقها . ولكن قبل ذلك كانت هناك فضائح أخرى لاسيما فيما يتعلق بالشواهد العلمية لهذا الوزير التي ثم التشكيك فيها انطلاقا من معطيات جدية وو ثائق و مستندات مضبوطة و مؤكدة و لولا تدخل بعض الجهات للضغط من أجل إغلاق هذا الموضوع لكنا بصدد عملية تزويرا أو شراء شهادات علمية من دون استحقاق ولا كفاءة. وهو ما يوضح أن مسار أوزين مبني على أساس متهافت وما بني على الباطل فهو باطل .وحتى بعد الفضيحة الكبرى تبين أن هناك فضائح أخرى تمت بين الوزير وبين بعض أعضاء ديوانه من خلال إختلالات في صفقات عمومية أو مع شركات خاصة التي كانت مكلفة  بتجهيز مركب الأمير مولاي عبد الله  وهلم جرا  من فضائح قد تكشف الأيام المقبلة بعد التفاصيل الجديدة حولها .

ولكن في الحقيقة فإن الرقم القياسي الأبرز الذي حققه أوزين و الذي يجب أن يمنح على ضوئه جائزة دولية يثمن هذه الكفاءة الخاصة به ليس بالنظر الى المعطيات المذكورة أعلاه ، وليس لأنه استعمل أكبر كراطة في العالم ، ولكن هذا الرقم متجلي بالاساس في أنه يمتلك أكبر “سنطيحة ” في العالم ، ليس بمعناها الفزيولوجي الذي قد يكون حقيقي على اعتبار أن الصلع الذي غزا شعر أوزين شعر جعل سنطيحته الحقيقية  أكبر حجما و أكثر بروزا ، و لكن “التسنطيح ” بمعناه الدارجي هو المقصود الذي يعني “بنادم معندوش الكمارة اللي يحشم عليها ” أو “معندوش المراكية” . فبعد أن تم توقيفه مؤقتا عن ممارسة أي نشاط خاص بتدبير كأس العالم للأندية ، وبعد أن تم تشكيل لجنة تحقيق خلصت في تقريرها إلى تحميل السيد الوزير كامل المسؤولية الشخصية و الإدارية والسياسية في الأحداث البئيسة التي عرفها كأس العالم للأندية ،و في الاختلاسات المالية الكبيرة  التي شابت صفقات الوزارة و التي استفاد منها على الأرجح  هو شخصيا و مقربيه  رغم أنها أموال الشعب . وبعد أن أقيل أو “استقال” أوطلب إعفاءه من منصبه الوزاري ، وبعد أن كنا جميعا ننتظر تحرك السلطات القضائية من أجل تحريك المساطر بناء على خلاصة نتائج تقرير نخبة التحقيق ،و متابعة أوزين و شركائه كمتهمين باختلاس أموال عمومية و إحالاتهم على العدالة في حالة اعتقال ، نجد أن هذا الأخير حر طليق بل إنه مازال يمتلك الجرأة لمواجهة الجميع و تبرير جميع الخروقات التي قام  بها،  و اعتبار أن مسؤولية هي فقط سياسية ،رغم وضوح الجرائم التي اقترفها ،و كم إستفزني تصريحه أثناء انعقاد المجلس الوطني للحزب الذي ينتمي إليه وهو يشرح ظروف وملابسات فضيحته و يقول على أن الفيفا هي المسؤولة وأنه ووزارته لا يتحملون المسؤولية و بريئون منها براءة الذئب من دم يوسف ، رغم أن التحقيق أسفر على أن الخلل شاب صفقات العشب من ناحية الجودة و أيضا من خلال عدم وجود قنوات تصريف المياه وهو جعل الملعب يتحول إلى بركة مائية .

تصريحات أوزين وتشبثه بوضعه السياسي داخل الحزب يدل على أن  سياسة ” التسنطيح ” بالمغرب مازالت مجدية ، رغم أنها للأسف تجرد الدستور الحالي من أبرز و أقوى مبادئه تأثيرا على الحياة السياسية وهو “ربط المسؤولية بالمحاسبة ” و أظن أنه لو تمت متابعة أوزين قضائيا فإن هذا الأمر سيشكل درسا مشهودا في إطار ترسيخ مبادئ المسؤولية السياسية و الديمقراطية و سمو القانون ، و الرفع من شأن و مكانة العدالة ، كيف لا و “العدل أساس الملك”.

راديو تطوان-الدكتور خالد الادريسي

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.