المشهد السياسي لما بعد السابع من أكتوبر وأسئلته الحائرة

شارك هذا على :

أفرزت لنا انتخابات السابع من أكتوبر الحالي، بالإضافة إلى عشرات الأسئلة الحائرة، أفرزت مشهدا سياسيا جديدا، مهلهلا وقلقا في شكله ومضمونه، كما أفرزت لنا حقائق جديدة وصريحة على الأرض، نذكر من بينها:

1- غياب العديد من الأحزاب السياسية عن المشهد السياسي الجديد / غياب العديد منها عن المشهد الإنتخابي، وضعف وتراجع أغلبها عن الفعل السياسي.

2- بروز حزب أغلبي جديد، لا يملك إيديولوجية ولا برنامجا ولا زعامة، لا يحمل صفات التنظيم السياسي، الذي يقوم بعمل مشترك لإيصال شخص أو أشخاص إلى السلطة / لا يلتف حول زعامة أو زعامات معينة، ولكنه قد يكون من أقوى الأحزاب القائمة على الساحة، فهو بلا تنظيم، بلا تأطير، وإنه أساسا حزب الذين فضلوا عدم التوجه إلى مراكز الإقتراع (حوالي 16 مليون نسمة، نصفهم مسجل باللوائح الإنتخابية الرسمية، ونصفهم غائب عنها أو رافض المشاركة في فاعليتها).

3- حسب الخبراء، إن هذا الحزب الذي لا اسم له ولا زعامة، هو التنظيم المغربي غير المهيكل، للعاطلين واليائسين والمرضى والأميين والفاقدين للأمل، والذين أدركوا أن لا جدوى في الإنتخابات ولا في الأحزاب، ولا في برامجها أو زعاماتها / وحسب هؤلاء الخبراء كذلك، أن هذا التنظيم، الذي لا يحمل سوى هوية واحدة، وهي مقاطعة صناديق الإقتراع، فإنه في العمق، يقاطع كل البرامج والسياسات الناتجة عنها، يقاطع سياسة التعليم، لأنها لا توفر لا برامج ولا مقاعد للأجيال الصاعدة / يقاطع سياسة الصحة، لأنها لا توفر لا مستشفيات ولا أسرة ولا أدوية للمرضى، الذين أصبحوا يعدون بالملايين / يقاطع سياسة التشغيل، لأنها تكرس سياسة البطالة والتعطيل / يقاطع السياسات الإقتصادية، لأنها تزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا، ليبقى المغرب فاشلا متخلفا ومنطويا على تخلفه / يقاطع السياسة الإجتماعية، لأنها تكرس بؤس المجتمع وفقره وعهارته وبؤسه / يقاطع السياسة الثقافية، لأنها تكرس الفساد الثقافي، وتنفق عليه الملايير.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم: كيف ستكون علاقة هذا الحزب بالمشهد السياسي العام بالمغرب الراهن؟ كيف ستكون علاقته بالطبعة الثانية لحكومة “ابن كيران”… التي جاءت بها صناديق الإقتراع المهلهلة والضعيفة؟ كيف ستكون علاقته بالأوضاع الإجتماعية، الإقتصادية، السياسية التي تعاني من قلق جسيم، بسبب الإنجازات الضعيفة والمنعدمة لحكومة “ابن كيران” في طبعتها الأولى، والتي لم تستطع، لا الحد من الفساد المهيمن على الإدارة المغربية، ولا تطهير النظام القضائي أو إصلاح أنظمة التعليم والصحة، أو الحد من البطالة الجامعية، وهو ما يعني بوضوح وأسف، أن المغرب بسبب “السياسة الكيرانية” أصبح في حالة مخيفة، لا تبشر بخير، وأن علاقة “الحزب الأغلبي” بهذه الحكومة لا يمكن أن تكون “علاقة صامتة” في المستقبل القريب.

سؤال آخر يطرح نفسه على المشهد السياسي الجديد بالمغرب: هل تستطيع حكومة ابن كيران في طبعتها الثانية، إنجاز إصلاحات فاعلة وسريعة في التعليم والصحة والشغل ومحاربة الفساد المالي…؟ هل تستطيع العودة إلى الإتحاد الإفريقي…؟ هل تستطيع مواكبة تطورات قضية الصحراء المغربية…؟ هل تستطيع مواجهة الإرهاب الدولي والمتغيرات الدولية.. وبأية أسلحة؟

خارج هذه الأسئلة، وليس بعيدا عنها، هل ستفرز إرهاصات المشهد السياسي الجديد بالمغرب الراهن، نخبا سياسية جديدة لتغيير الصورة القلقة والمضطربة لهذا المشهد…؟ هل ستفرز للمغرب الراهن، نخبا سياسية جديدة، تملك خطابها وأدواتها وإمكاناتها للتغيير… وللتعبير عن ذاتها…؟

في واقع الأمر، إن قراءة أولى للمشهد السياسي، لما بعد السابع من أكتوبر، ستظل حبلى بعشرات الأسئلة، التي تضعنا أمام مغرب يتحرك نحو طريق… الله وحده يعلم مصيره.

أفلا تنظرون…؟

محمد أديب السلاوي

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.