السعداء هم من يحركهم الحب دائما
إن الأشخاص الذين تراهم عيوننا وهم في راحة نفسية وراحة بال يعيشون في سعادة وهدوء، كما تجدهم يتكلمون بإيجابية مثل: سأصل إلى هدفي، لن يوقفني شيء، مهما كان كلام الناس فإنهم سيسكتون عندما أحقق هدفي، ولا يلتفت إلى المثبطين الذين ينتظرون النتائج السريعة البراقة، ولا يلتفت لأي شخص سلبي أيا كان، حتى لو كان من أهله أو المقربين إليه.
لو سمع رأيا مخالفا سيستمع إليه بعمق، ويستفيد منه إذا كان مفيدا، أو يبين خطأه بهدوء إذا كان صاحبه على خطأ أو تنقصه معلومة ما، وسيكون دائم الإستفادة من المحيطين به، فهو يستفيد من أي شيء يخدم هدفه.
عندما يناقش شيئا يركز على الإيجابيات، ولا يلتفت أبدا إلى السلبيات، فهو يكتسب الإيجابيات الجديدة التي تفيد في تحقيق الهدف، وبهذا ستتلاشى فورا السلبيات التي لم يركز عليها ولم يعرها انتباها، إلا أنه لا يحقر منها، فهو يعلم تأثير السلبيات ولكنه يركز بقوة على الإيجابيات.
تجده على الدوام متحمسا إيجابيا ناشرا للطاقة والحماس والقوة بين كل من يشاركوه، فهو يعلم أنه من الطبيعي أن تحدث أخطاء، ومن الطبيعي أن تحدث عقبات، إلا أنه يفكر بعمق ويسعى بهدوء للتغلب عليها مركزا على هدفه، ولا يعلن أبدا عن أنه فشل، لأنه يعلم أن إعلان النتيجة بيديه، فلو أسرع وأعلن الفشل، فهو قد اختار الفشل، ولو تغلب على العقبات وأعلن النتيجة في النهاية فستكون النتيجة نجاحا باهرا.
إن الذي يعيش في سعادة وهدوء وراحة بال تجده لا يبالغ أبدا في وصف الأحداث، تجده دائما يشرح صدر أي كان من الموجودين حوله، ولا يتأثر به، ويفكر بعمق وهدوء للتغلب عليه، فهو على الدوام قائد للظروف، متحكم فيها، يطوعها ويقهرها لخدمة أهدافه وتحقيقها، لا يندب حظه لوجود رياح عاصفة، لكنه يدير دفة المركب بهدوء ليستفيد من هذه الرياح العاصفة لدفعه بقوة نحو الأمام، نحو هدفه، دون أن يلتفت لصراخ السلبيين في المركب.
لا يخش أبدا الفشل، بل يعرف أنه أول خطوة في طريق النجاح، يستمتع بتخطي العقبات، ويتلذذ بالنجاح والراحة النفسية التي تدب في عروقه بعد تغلبه على أي عقبة قد تعوقه إلى أن يصل لهدفه، دائما أهدافه كبيرة حالمة، يراها كل من حوله مستحيلة، وفي الغالب يوفقه الله إلى تحقيقها وسط ذهول من حوله، يعيش حياته في حماس وطاقة وحيوية ونشاط وابتكار وإنجاز، ودائما عنده جديد.
لا يشعر أبدا بالفراغ، لا يعرف مصطلح الإنتظار، لا يوجد في حياته ما يدعو للملل، يستغل كل الظروف، لا يمكن أن يشعر بالضياع، لديه دائما العديد من البدائل، ويستخدمها كلما قابلته أي عقبات.
تجد عباراته دائما لمن حوله يحركها الهدف والرؤية الواضحة، فلو كان سياسيا تجده يشحذ الناس بالأمل والأهداف الواضحة والتقدم والراحة في الحياة ويبث فيهم القوة لتخطي أي صعاب.
ولو كان شيخا تجده ينصح الناس بالحب والرقي، والرغبة في استشعار جمال الدين وروعته، ويتحدث عن الحسنات والفوائد النفسية والأخروية من العبادات والفرائض والنوافل، يتحدث عن رحمة الله وعن سماحة الله وعن عفوه ومغفرته وعن لذة القرب منه والتقرب إليه.
ولو كان أبا أو زوجا تجده يقود البيت بالحب والحنان والرقي والإحترام، يستخدم أسلوب المكافأة والثواب للتحفيز والدافعية، وتجد الأسرة كلها تتحرك بطاقة الحب الرائعة والإحترام المتبادل.
لو حدثت مشكلة بينه وبين شخص آخر، تجده يلجأ دائما للأسلوب المهذب الراقي المحترم لنيل حقه أو لإنهاء الخلاف، يتخذ أسلوب الترغيب منهجا لحياته ومنهجا للتأثير على من حوله.
يتعلم العلم لإفادة الناس وأخذهم إلى الطريق الصحيح بالرفق واللين والإبتسامة والهدوء، لا يهاجم أبدا من يختلف معه، بل يقول رأيه ويعلم بعلمه أن الرأي الآخر على صواب لأن اختلاف الآراء فيه رحمة للناس، ويعلم أن من اجتهد وأخطأ فله أجر، ومن اجتهد وأصاب فله أجران.
ينشر الحب والسعادة والراحة في نفس كل من حوله، ويفيد الناس بتواجده معهم حتى ولو لم يتكلم. هؤلاء يتعلمون دائما من الحكم، ويعلمون جيدا أن كل حكمه قد يكون وراءها عمر طويل استغرقه قائلها كي يصل لها، فلا يهملون أي حكمة أيا كانت ويبنون دائما على خبرات الآخرين، لذا هم في تقدم مستمر، يسهلون كل شيء على الناس، يسهلون الدين.. يسهلون العلم ويسهلون الحياة.
يرون أن الحياة بسيطة وسهلة، ممتعة ورائعة، ويعلمون الناس كيف يعيشون سعداء في الدنيا وفي الآخرة، يعلمون أن النجاح لعبة، والحياة لعبة، ويتفننون في اكتساب خبرات لينجحوا ويتفوقوا ويستمتعوا بها.
تجد تصرفاتهم دائما أفعال وابتكارات وإنجازات، ونادرا ما تكون ردود أفعال، هذا الصنف من الناس دائما في راحة نفسية، في سعادة وهدوء، في متعة رائعة، يتمتعون بكل ما سخر الله لهم في هذه الدنيا، مهما كانت ظروفهم وأحوالهم.
د. أحمد عمارة (استشارى الصحة النفسية بالطاقة الحيوية)