الحق في تأسيس الجمعيات بين النص القانوني والواقع

شارك هذا على :

مرتيل نموذجا غالبا ما يقال أن المجتمع بدون حرية يعني مجتمع الاستبداد ،والحرية بدون ضوابط قانونية تساوي الفوضى ، ومهمة رجال السلطة هي التوفيق بين السلطة وإكراهاتها والحرية وإنزلاقاتها .

 ومن الحريات التي يجب أن يتمتع بها المواطن داخل المجتمع نجد حرية تأسيس الجمعيات المنظمة في المغرب بموجب الظهير الشريف رقم 1.58.376 صادر في 15نونبر 1958 يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات . وبالتالي لا يختلف إتنان على أن المغرب العضو الفعال في المجتمع الدولي والملتزم دستوريا باحترام المعاهدات والمواثيق الدولية التي هو طرفا فيها ،كان لابد له أن يأخذ بعين الاعتبار القواعد النموذجية العالمية الخاصة بحرية تأسيس الجمعيات وذلك للتمتيع الكامل بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشكل العناصر الجوهرية للديمقراطية وتتيح للأفراد فرصا كبرى تمكنهم من التعبير عن آرائهم السياسية وغير السياسية . فتكفل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان جوانب عدة من حرية التجمع ،تنص المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه يجب الاعتراف بالحق في التجمع السلمي .كما تنص المادة 22 من العهد الدولي على أن “لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع اخرين ،بما في ذلك حق إنشاء النقابات والإنضمام إليها من أجل حماية مصالحه ” ونجد العديد من الإتفاقيات الأخرى التي تضمن هذا الحق كإتفاقية رقم 87 لمنظمة العمل الدولية والإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تؤكد على ذلك أيضا في مادتها 115 والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب . نظرا لأهمية هذا الحق فالمشرع المغربي قد سمى به إلى مصاف الحقوق الدستورية حيث كرسه في جميع الدساتير التي عرفتها الدولة المغربية ،وتم التأكيد عليه أيضا في الدستور الحالي (2011) الذي إعتبره من أهم الحقوق والحريات الواجب إحترامها من طرف السلطات العمومية لفائدة المواطنين . ولهذه الغاية نجد الفصل 29 من الدستور ينص على أن “حريات الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والإنتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات .كما نص الفصل 33 من الدستور على أنه “على السلطات العمومية اتخاد التدابير الملائمة لتحقيق مساعدة الشباب على الإندماج في الحياة النشيطة والجمعوية ” حيث أحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي من أجل تحقيق هذه الأهداف

. في مقابل هذه التوطئة وماشملته من نصوص قانونية ودستورية واتفاقيات دولية التي تضمن الحق في تأسيس الجمعيات ،نجد عراقيل تواجه بها حرية تأسيس الجمعيات بالمغرب ،أهمها إمتناع السلطات المحلية الإدارية عن تسلم ملف الجمعية وأحيانا تمتنع عن تسلم الإشعار بتأسيس الجمعية (الملحقة الإدارية الأولى بمرتيل) كما وقع للتنسيقية المحلية للمعطلين ،تم منعهم من طرف السلطات المحلية من تأسيس الجمعية وامتنعت هذه الأخيرة عن تسلم الإشعار بتأسيس الجمعية التي تحمل اسم التنسيقية المحلية للمعطلين بمرتيل . فالسؤال المطروح بشدة هو : أي معيار إعتمدته السلطات المحلية لمنع تأسيس الجمعية ؟ وما سندها القانوني في ذلك ؟ أهو خرق للقانون والدستور والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ؟ الذي لايدخر أي جهد لتوسيع هامش الحريات وإعطاء دروس للخصوم في مجال إحترام الحقوق والحريات . أم أن السلطات المحلية بمرتيل تعتبر نفسها فوق القانون ؟ وبالتالي فالطبيعة المخزنية التسلطية لرجال السلطة وأجهزتها أفرغت القوانين والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تقضي وتأطر الحق في تأسيس الجمعيات من محتواها .

حسن الفيلالي :رئيس التنسيقية المحلية للمعطلين بمرتيل وباحث في القانون وعلوم الإعلام

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.