تحركات جبائية واسعة لتحصيل متأخرات “الرسم المهني” لدى المقاولين الذاتيين”
باشرت فرق المراقبة والتحصيل التابعة للمديريات الجهوية والإقليمية للضرائب، عمليات مكثفة لتحصيل متأخرات ضريبية مستحقة على آلاف المقاولين الذاتيين، بعد انتهاء فترة الإعفاء القانوني من واجب الرسم المهني، المحددة في خمس سنوات.
وأفادت مصادر مطلعة أن هذه التحركات تندرج ضمن عملية تدقيق شاملة للوضعية الجبائية للمقاولين الذاتيين، تنفذ بتعليمات مباشرة من المصالح المركزية للمديرية العامة للضرائب، وتهدف إلى رصد حالات التملص من التصريح والأداء الضريبي، تمهيدا لإخضاع المخالفين لمراجعات ضريبية مشددة.
وبحسب المصادر ذاتها، من المرتقب أن تنتقل هذه الإجراءات إلى مرحلة التحصيل الجبري، عبر تفعيل مساطر الحجز على الحسابات البنكية، وتقييد الأصول الثابتة والمنقولة للمدينين، في حال عدم تسوية الوضعية الجبائية داخل الآجال القانونية.
وكشفت المعطيات من ذات المصادر ، أن خوارزميات تحليل البيانات لدى مديرية الضرائب رصدت تقاطعا لعشرات الآلاف من الفواتير الصادرة عن مقاولين ذاتيين، والمضمنة ضمن تصريحات شركات رُفضت حساباتها من طرف المراقبين، ما وضع هذه الفئة تحت مجهر التدقيق الضريبي.
وأوضحت المصادر أن عددا من هذه الفواتير تضمن مبالغ مالية مرتفعة تجاوزت السقف القانوني لرقم المعاملات المسموح به في نظام “المقاول الذاتي”، المحدد في 500 ألف درهم للأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية، و200 ألف درهم لأنشطة تقديم الخدمات.
كما رصدت مصالح المراقبة استغلال أختام وأرقام التعريف الموحد للمقاولات (ICE) الخاصة بمقاولين ذاتيين من طرف مسيري شركات، من أجل تبرير نفقات أشغال وخدمات وهمية. وسجل المراقبون، في هذا السياق، عدم التزام عدد كبير من المعنيين بالتصريح بمداخيلهم داخل الآجال القانونية، وأداء النسب المستحقة من رقم المعاملات، إضافة إلى وجود تناقضات بين الفواتير المدلى بها وكشوفات الحسابات البنكية، وغياب التحويلات ووسائل الأداء التي تبرر المعاملات التجارية المصرح بها.
ويستفيد المقاول الذاتي من مجموعة من الامتيازات، من بينها الإعفاء من التسجيل في السجل التجاري والالتزامات المحاسبية، وإمكانية توطين النشاط بمحل الإقامة، إلى جانب الحماية من حجز السكن الرئيسي بسبب الديون، فضلا عن الاستفادة من التغطية الاجتماعية ابتداء من التسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي. غير أن هذه التحفيزات لم تنعكس، بحسب الإحصائيات الرسمية، على مستوى الانخراط الفعلي في النظام، إذ لم يتجاوز عدد المسجلين 441 ألف شخص مع نهاية سنة 2024.
وربطت المصادر تشديد المراقبة الجبائية الحالية بمخطط يروم تعزيز موارد الخزينة وتوسيع قاعدة الامتثال الضريبي، خاصة في ظل تسجيل تجاوزات واسعة، من بينها القفز على التصريحات الدورية والانخراط في تجارة الفواتير الوهمية. وتشير الأرقام، في هذا الصدد، إلى أن حوالي 6 في المائة فقط من المقاولين الذاتيين المسجلين، أي ما يقارب 27 ألف شخص، يلتزمون بأداء واجباتهم الضريبية، ما يطرح تساؤلات حول نجاعة هذا النظام الجبائي واستدامته.

