ما أعرفه أكيدا، هو أن وادينا عميق في التاريخ بل هو أعمق مما نتصوره ولولاه لما دخلت عدد من حضارات البحر الابيض المتوسط إلى شمال بلدنا بل لولاه لما وجدت تطوان اصلا ولما ولج الرومان قبل الميلاد لاعادة بناء تمودة،وو….. هذه حقائق تاريخية تغيب اليوم للاسف عن عدد من المسؤولين وشخصيا أجد صعوبة في تفهم جهل البعض من ابناء مدينتي لهذا التاريخ المجيد لوادي اسمه وادي مرتين او مرتيل .
مند أيام قليلة وتحت أقدام البرج المقدس لمرتيل برج الجهاد الدي بناه المولى إسماعيل ليقف في وجه الغزو الاروبي مند القرن 18 في أقدام هذه المعلمة تم وضع لوحة لها عمق تاريخي هام أطلق عليها اسم ” مسار ميغيل دي سرفانتيس” ذاك الكاتب الاسباني العالمي الدي خلد “دون كيخوطي دي لامناشا” ومن لا يعرف هذه القصة ؟ لكن الذي لا يعرفه الكثيرون هو ان القصة في جزء منها تشير إلى تطوان والى مطامرها “وقرصنتها” البحرية.
طيب الحديث حول هذا الموضوع يطول، وما يهمنا هو أن اللوحة تتحدت عن بعض الاشارات التي لمح لها الكاتب ميغيل دي سرفانتيس والتي تتعلق بمرحلة كان فيها المجاهدون يغيرون على البواخر الأسبانية والبرتغالية ليأسروا بحاراتها ويطالبون بالفدية من أجل إطلاق سراحهم ، المجاهدون يومها الذين كانوا يدودون عن وحدة المغرب ضد القوى العظمى اسبانيا والبرتغال ابتداء من القرن 15 و16 والذين للاسف اصبح يطلق عليهم اليوم قراصنة البحر .
وضع اللوحة تحت أقدام “برجي وبرجكم” المقدس بجانب وادينا “المقدس “وبجانب بقايا مينائه النهري الذي كان في السابق أكبر ميناء اقتصادي بالمغرب والمعبر الرئيسي للديبلوماسية المغربية نحو اوروبا والشرق وو… ليس عفويا ولا ارضاء للخواطر ولكنها الحقائق التاريخية التي تأبى أن تنسى رغم مرور قرون طويلة.
عندما كتب “سرفانتيس” عن مرحلة اعتقاله في الجزائر وربط ما عاناه بما يعانيه المعتقلون الاخرون بمطامر تطوان كان يتحدث في عمقه عن المنفد النهري والبحري الذي منه كانت تتحرك سفن المجاهدين اي من ميناء مرتيل وكان يشير ضمنيا الى الطريق التي سلكتها بواخر المرتيليين المملوءة بالرجال الافداد نحو عمق المتوسط لتخوض حروب رد الاعتبار(ضد طرد اسبانيا لاهل الدار في الاندلس )وللوقوف في وجه أطماع اوربا الاستعمارية مند يومها.
فكرة مسار سرفانتيس التي وضع أسسها الكاتب الصديق الفاتحي عبد الرحمان رئيس شعبة اللغة الاسبانية بكلية الاداب بمرتيل، تستحق كل التنويه وتفتح افقا آخر للغوص في عمق تاريخنا المجيد كما أنها تؤسس لخلق مسار سياحي جديد ينعش مرتيل اقتصاديا ويعيد الاعتبار لعدد من معالمها المدفونة والتي لا تتطلب سوى ارادة سياسية للمسؤولين لاعادة فتحها ومن بينها الديوانة والبرج والمقبرة المسيحية وموضع تمركز معسكر “فرناندو مرتين العلج ” خال حاكمة تطوان السيد الحرة والدي لا يزال وادينا يحمل اسمه، ولنتصور جميعا لو أن مجلسنا البلدي وبتعاون مع عمالتنا وبعض الوازارات المرتبطة بملف التنمية وبتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالملف ، فكروا في استغلال هده الابعاد الحضارية والسياحية لوادي مرتيل كم فرص عمل ستفتح والاهم سنتمكن بعون الله من اعادة امجادنا لوادينا واعادة ربطه بالبحر وبناء مينائه النهري، وما ذلك على الله بعزيز خاصة وان المشروع الملكي الضخم لتهيئة سهل ووادي مرتيل يعد أبرز متكىء يمكننا الاعتماد عليه لتنفيد هذه الفكرة .
أعتقد أن الفكرة وصلت ومعها رسالة تقول :” ايها الاخوة المسؤولون أيادينا مفتوحة كمجتمع مدني وكنواة تحمل هم الوادي للعمل سويا من أجل تحقيق هذا الحلم الجميل في اطار المشروع الملكي التاريخي الذي سيعيد لوادينا ومينائنا النهري بجانب برجنا التاريخي بهجته وتالقه كما كان في سالف العصور .. فلا نضيع الفرصة …والله وراء القصد ”
يوسف بلحسن