نزاع الصحراء المغربية ومواقف دولة الثلج الإسكندنافي “السويد”

شارك هذا على :

تعرف قضية الوحدة الترابية للمغرب بين الفينة والأخرى ظهور بعض أعراض العداء في شكل تصريحات ومواقف لفعاليات مدنية أو سياسية تختلف من دولة الفيتو إلى دولة صناعية أو إيديولوجية أو مصلحية …. إلى مواقف بعض الدول المكبلة بطرق غير مباشرة ببعض التنظيمات الحقوقية أو اللوبيات الاقتصادية…لكن في السنوات الأخيرة ومع التطورات التي عرفتها العلاقات الدولية بدأت بعض المواقف ذات الارتباط بملف حقوق الأنسان عن طريق فعاليات مدنية أو جمعيات حقوقية … تعلن مواقفها بشأن بعض النزاعات ومن وجهة نظر خاصة، وذلك بالاحتكام لمرجعتيها الثقافية المستقلة والبعيدة عن واقع حقوق الأنسان في دول النزاع وهذا ما يمكن تسميته بالمواقف الرومانسية أو العاطفية لأن الشعوب التي تتخذ فيها مثل هذه المواقف تكون قد تجاوزت بنية المجتمع الطبيعي مثل السويد الإسكندنافية الثقافة والباردة المناخ، حيث تتخذ المرأة المقام الأول في المجتمع والابن الدرجة الثانية والكلب الدرجة الثالثة والرجل يأتي في المرحلة الأخيرة وتعتمد مذهبية حقوق الإنسان الزائد عن المستوى المحدد في المرجعيات الثقافية الأخرى، حيث ينبذ أية معاكسة للمرأة على ضوء القانون والمذهب السياسي المتبع في الدولة وتعتمد هذه المواقف فعاليات المجتمع المدني المسيسة والاستراتيجية بهدف إثارة الاختلاف في الرؤى للقضايا التي يتداولها المجتمع الدولي كمعاكسة مصالح بعض الدول ذات الرؤية المختلفة أو ضرب الحياد بالانحياز بسبب المصلحة أو البحث في كيفية التأثير على صناعة القرار الأممي وتحريك آليات الضغط لتوجيه ضربات ديبلوماسية لبعض الدول ذات القدرة على ضبط التفاعلات الدولية، ولعل السويد تريد مضايقة بعض القوى الموجودة في المنطقة، لكنها ليست بعيدة عن ما يصيب العالم من أزمات.
والسؤال الذي يطرح هو كيف يمكن للمغرب التعاطي مع موجة هذه الديبلوماسية العاطفية أو الرومانسية الجديدة في العلاقات الدولية والتي تعد مدرسة جديدة في مسار التحول الدولي أو ما يسمى بالبديل الديبلوماسي النسوي؟ وكيف يجيب المغرب على منهجية نقل الخصوم للصورة بشكل مفبرك وغير موضوعي و اختيار بعض الدول بعينها والعمل على إقناعها بضرورة اتخاذ موقفها المؤازر وانتزاع الاعتراف، علما أن الديمقراطية هي رأي الأغلبية وليست إجماعا؟ ومتى اتخذت القرارات الدولية بالإجماع؟ ولماذا سننتظر رأي كل الدول دون احترام لرأي أغلبية الدول؟ وما جدوى العمل الحر والرأي الحر والدولة الحرة؟ وهل العالم استكمل تجارب كل أنواع الأنظمة السياسية وأشكال الدول وأصبح مطالب بالعودة لفكرة الدولة المستبدة؟ أم أننا أمام نموذج لدولة جديدة على مقاس دولة السويد؟ إلا يمكن القول بأن مثل هذه المواقف تغير من مواقف الدولة المعنية وبالتالي تغيير المنهجية والاطار والوسائل في التعامل مع الموضوع؟ في اطار التعامل بالمثل فان المغرب اليوم أمام شكل ديبلوماسي خاص ومطالب بتأهيل المرأة الديبلوماسية لتنشط في الدول التي يسمع فيها رأي وصوت المرأة بصفة خاصة وأن تكون ذات قدرات ثقافية واحترافية عالية للتعامل مع الرينغ النسائي الذي ينظمه نادي الديبلوماسية الدولي وذلك لمناقشة بدائل وعروض لحل الأزمات بلغة رومانسية حقوقية تعتمد على المكاشفة وتحرص على الأمن والسلم الدوليين القائمين على الاستقرار و التنمية بالدرجة الأولى.
إن واقع الأمر لا يعرفه إلا أهله وتسرع دولة السويد في موضوع النزاع الذي أرهق القوى العظمى باتخاذ موقف بدون إجراء أية معاينة ميدانية لمدن الصحراء المغربية ومقارنة حياة المواطنين بالوضع في مخيمات البوليساريو التي هي معتقلات جزائرية في زمن التغني بالحرية وحقوق الإنسان، لذا يتطلب الأمر مراجعة المقاربات الديبلوماسية مع الدول التي تستهدف الوحدة الترابية للمغرب والاستمرار في تنزيل الأوراش بجهات الصحراء ، ويمكن مطالبة كثير من الدول ذات الوعي المرتفع بأن تنتقل إلى لحمادة وتندوف لمقارنة الوضع الحقوقي بمثيله بمدن الجنوب المغربي، وسترى أن حامل المشروع ليس هو شرذمة من إخوة مغاربة غرر بهم، بل وكلاء قوى الحرب الباردة، وبسبب تواجد التوجه الليبرالي في شمال إفريقيا في وقت كانت الأيديولوجيات سند اقتسام الشعوب مثل الكعكة بتآمرات غربية، واليوم استعصى الاعتراف على الظالم رغم الأبواب المغربية المفتوحة، وبقيت الحلبة بدون حكم والمتهم الحقيقي آل إلى الزوال، والوارث لا يحمل الحل أكثر من تلذذه بتكريس الاستمرارية للنزاع حتى ينتعش بضعفه ويطلب مساعدات ينفرد بها مافيا النزاع، والجرأة الدولية تتجاذبها المصالح بما يتعارض مع الأدوار الحقيقية في كثير من الأحيان ، ونفس المرض الدولي يسيطر على كل بقعة نزاع في العالم، مالم تكون دولة النزاع من العيار الثقيل فإن الأصابع والاتهامات والعرقلة لأي تطور اقتصادي يبقى اكبر هم لبعض الدول التي تعمل بكل جهد لتقويض مسار التنمية للمغرب الصاعد رغبة في تعطيل مصالح الشعب وتوجيهه نحو الحرب للالتحاق بمصير نفس الدول التي تم تخريبها وتهجير أهلها، ورفض فكرة تنمية دول الجنوب أو التعاون جنوب جنوب أو التنمية محليا، ودولة السويد عليها مسائلة نفسها أمام العالم عن ماذا قدمت للمهجرين والغرقى والقتلى؟ ولماذا لم تخطو خطوات بعض الدول ؟ ولماذا لم تحتج على رفض الكثير من الدول استقبال المهجرين ؟ أليس هذا الموضوع له الأولوية في سياسة السويد وغيرها مقارنة بنزاع الصحراء المغربية الذي يسير في اتجاه الحل السلمي القائم على مبادرة الحكم الذاتي المغربية الطرح والأممية التأييد لأنه ليس فيها غالب ومغلوب، أم مثل هذه المواقف في هذا الظرف بالذات هو إدارة الظهر للمشاكل الدولية الحقيقية، بل ونبش ما تبقى من دول الجنوب حتى يتم تعميم الأزمة عليها وترتاح من هاجس تنميتها وتقدمها ونجاح الديمقراطية الغربية الصنع فيها؟ ماذا تقول الفعاليات عن موت الأطفال والنساء والمدنيين في مختلف الدول الأخرى؟ وماذا قدمت للمنكوبين وهل تتبنى ملف المعتدى عليهم الذين لا دفاع لهم ولم يصل أحد منهم إلى السويد؟ ولكي تعرف دولة السويد ومعها بعض الدول الأخرى واقع التطورات على الأرض، فان المغرب في اطار الديبلوماسية والمرونة، عليه أن يعد أسئلة حقيقية و موضوعية ودقيقة وميدانية ونظرية ومنطقية ويطلب منها ومن غيرها الإجابة والمقارنة بأية دولة في المحيط المغاربي والأفريقي، كما أن توضيح مستوى التطور بتنظيم زيارات ميدانية مسألة ستزيل اللبس عن ما يسير عليه المغرب وإن كانت المقارنة بمستوى دول الشمال غير ممكنة بسبب ارتفاع مستوى العيش بهذه الدول نفسها، فهي تعرف وتحاول عرقلة التطور احترازا من ظهور المغرب كدولة تسير وفق قواعد التنافسية التي فرضتها العولمة، ويمكن القول بأن التآمر يتم في دهاليز النوادي الديبلوماسية والعلب السوداء رغم الانفتاح الذي يصفق له الكل. وسواء تم الاحتكام لقوة الفيتو أو للتهييج الإيديولوجي أو للطرح الاثني أو المواجهة العسكرية ..فإن الأضرار تنعكس على السلم والأمن الدوليين وعلى مصالح هذه الدول نفسها، لذا يبقى الطرح التنموي والقدرة على تفهم الآخر والاحترام الدولي لخصوصيات الشعوب و التفكير بمنطق تذويب الخلافات وتقريب وجهات النظر والوساطة الإيجابية لدول الشمال هو الشيء المطلوب من دولة السويد وغيرها مادام المغرب ليس من الدول التي تبيد المجتمعات أو ترفض استضافتها للمهاجرين وتنبذ العنصرية…الخ، وأن بقاء الدول الغربية دول الرخاء ودول إفريقيا دول التخلف لا يمكن لمثل هذه المواقف أن تقدم تنمية ولا أن تدير ظهرها للحلول الواقعية والشاملة لحقوق إفريقيا والعالم العربي ودول الجنوب بصفة عامة واستكمال الأوراش بالمملكة المغربية الوطنية والبينية بصفة خاصة.

راديو تطوان-الدكتور أحمد الدرداري / أستاذ بجامعة عبدالمالك السعدي علوم السياسة والقانون الدستوري بتطوان

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.