لبنى العجاني، فاعلة جمعوية كرست نفسها لترسيخ ثقافة التبرع بالدم
لبني العجاني، مناضلة ميدانية اختارت المجتمع مجالا للبذل والعطاء، إذ كرست حياتها للعمل الجمعوي مؤمنة حتى النخاع برسالة التضامن، لاسيما مع المرضى والمحتاجين.
وأضحت العجاني رمزا بارزا في مجال التبرع بالدم بتطوان ونواحيها، بفضل جهودها المتواصلة وتفانيها اللامحدود لتعزيز الوعي بثقافة التبرع بالدم وتوفير هذه المادة الحيوية لشريحة مهمة من المرضى.
بفضل حيويتها الدائمة، صارت لبنى العجاني حاضرة في جل حملات التبرع بالدم، إذ لا تتوانى في أن تكون في الصفوف الأمامية متى برزت الحاجة إلى تعزيز المخزون المحلي من هذه المادة الحيوية، من خلال جمعية “ابتسامة المتبرعين بالدم”، التي أضحت شريكا مهما للوكالة المغربية للدم ومشتقاته على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
ذات قلب ينبض مودة ورحمة، تمتلك لبنى العجاني طاقة استثنائية وحماسة كبيرة في تنظيم حملات التبرع بالدم لاسيما بإقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق، ودائما ما تبحث عن المبادرات ذات الأثر الملموس في نشر ثقافة التبرع بشكل منتظم، إنقاذا للأرواح وتخفيفا لمعاناة المرضى.
بالفعل، بفضل أسلوبها الديناميكي في التواصل والتنسيق، تمكنت من استقطاب عدد كبير من المتبرعين ونشر ثقافة العطاء بين الساكنة، مما ساهم في تأمين احتياجات المستشفيات من الدم بشكل ملحوظ.
في حديثها مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أسرت لبنى العجاني، وهي رئيسة جمعية “ابتسامة المتبرعين بالدم”، إلى أن دخولها مجال العمل الجمعوي لم يكن صدفة، بل كان ثمرة مسار طويل من الاهتمام بالقضايا الاجتماعية.
فقد بدأت أولا بالعمل مع النساء والأطفال في وضعية هشاشة، قبل أن يقودها القدر إلى مسار جديد أكثر تأثيرا، عندما تكفلت سنة 2014 بحالة طفل من مدينة مرتيل مصاب بمرض خطير يتطلب نقل كميات كبيرة من الدم كل ثلاثة أيام.
لم يكن لهذه التجربة أن تمر دون أن تترك في نفسها أثرا، إذ شكلت نقطة تحول في مسارها الجمعوي، مدركة مدى الحاجة الملحة لهذه المادة الحيوية، حيث قررت تكريس جهودها في هذا المجال، والتحقت سنة 2016 بالجمعية، ثم أصبحت إحدى أبرز الناشطات ضمنها.
تجد لبنى متعة كبيرة في العمل في هذا المجال، إذ تعتبر أن التبرع بالدم ليس مجرد عمل خيري، بل هو رسالة إنسانية نبيلة تحمل في طياتها معاني العطاء والتضامن، إلى جانب أجرها الرباني.
بنبرة حنونة، نبهت إلى أن كيس دم واحد قد يكون سببا في إنقاذ حياة ثلاثة أشخاص، مما يبرز أهمية الاستمرار في التحسيس بأهمية التبرع المنتظم لضمان توفر هذه المادة الحيوية في المستشفيات، موضحة أن المركز الجهوي لتحاقن الدم بتطوان، والذي صار اليوم الوكالة المغربية للدم ومشتقاته بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، يلعب دورا محوريا في تأمين الدم لمستشفيات تطوان والمضيق ومرتيل وشفشاون ووزان، وفي أحيان كثيرة لمستشفيات طنجة أيضا .
وتابعت أن احتياجات مدينة تطوان وحدها من الدم تتجاوز 40 كيسا يوميا، وهو رقم يصعب توفيره باستمرار، مما يجعل الحملات المتنقلة ضرورة ملحة لسد هذا العجز.
بكثير من العزم، نوهت بأن هدفها أن تجاوز الرقم القياسي الذي حققته الجمعية عام 2024 بتعاون مع الوكالة المغربية للدم ومشتقاته بالجهة عبر جمع 7834 كيس دم خلال سلسلة من حملات التبرع، وأيضا ترسيخ استدامة التبرع، عبر الانتقال من ثقافة “المتبرع العائلي” إلى بناء قاعدة من المتبرعين المنتظمين والطوعيين.
وحسب الفاعلة الجمعوية، لا يجب أن يكون التبرع بالدم مرتبطا فقط بالحاجة الطارئة لأحد أفراد العائلة، بل ينبغي أن يتحول هذا الفعل الراقي إلى سلوك مواطن يعكس حس التضامن والمسؤولية الجماعية، وهو ما يتطلب عملا تحسيسيا مستمرا، لجعل التبرع جزءا من نمط حياة المواطنين، ما سيضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية.
تحقيق هذه الغاية، وفق المتحدثة ذاتها، يتطلب عملا جماعيا من لدن المؤسسات التعليمية والمساجد والمجتمع المدني والمؤسسات العمومية، وتكثيف الحملات التواصلية عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وإدراج التبرع ضمن المناهج الدراسية.
إصرار لبنى وعملها الدؤوب يعكسان التزامها العميق برسالة نبيلة قوامها التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني، فهي تؤمن بأن العمل الجمعوي ليس مجرد نشاط تطوعي، بل هو مسؤولية تتطلب الصبر والمثابرة والتضحية من أجل تحقيق أثر مستدام. إنها بكل بساطة “قطرة دم في بحر العطاء”.