لا للإرهاب لا تشارلي

شارك هذا على :

غطت الأحداث الدامية التي عرفتها العاصمة باريس على ما سواها من الأحداث العالمية في الأيام الأخيرة بعد أن أقدم مجموعة من الإرهابيين على القيام بمذبحة راح ضحيتها طاقم تحديد أسبوعية ” تشارلي ” و أيضا مجموعة المواطنين ورجال الأمن الفرنسيين. وقد كانت أغلب المواقف الرسمية و الشعبية على مستوى العالم مستنكرة هذه العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم فيما اعتبره منفذوا العمليات أساسا لعملياتهم وهو الدفاع عن الرسول الكريم محمد عليه السلام، والثأر من كل من سولت له نفسه إهانة رسول الإسلام .

وبغض النظر عن مختلف القراءات السطحية و المعمقة لهذه الأحداث، وبعيدا عن لغة التشكيك التي تحدث عنها مجموعة من المراقبين و المؤسسات الإعلامية حول حقيقة هذه العمليات و الجهات التي خططت لها و قامت بتنفيذها، فإنه يمكن القول على أن الإرهاب بمفهومه الصحيح الذي لا يرتبط بالإسلام و لكن بالعنف وزعزعة النظام العام كيفما كان إنتماء مرتكب الأفعال الإرهابية العرقي و الديني ، و أيضا أسبوعية “تشارلي ” و جميع المكونات الإعلامية و السياسية التي تسير على هذيها يتطابقان و لهما العديد من نقط التشابه إلى درجة يمكن القول معها على أنهما وجهان لعملة واحدة عنوانها هو التطرف و التشدد و الاستئصال و إلغاء الآخر، وعدم الإيمان بالقيم الأساسية التي تؤمن بها المجتمعات .

فإذا كان الفكر الإرهابي لا يحترم الحق في الحياة ويسعى دائما إلى اغتيال و قتل كل من يتعارض مع فكره الإرهابي، فإن فكر “تشارلي ” و قبيله لا يحترم الديانات و لا الحق و الحرية في اعتناق الديانة التي يختارها الشخص و من واجب الجميع احترامها و احترام الأسس التي تقوم عليها و لا سيما رموزها . و إذا كان الإرهاب يمول بأيادي خفية من أجل بت الرعب و زعزعة الاستقرار داخل المجتمعات عن طريق التخويف و الترويع و بت الرعب ، فإن تشارلي تمول أيضا من طرف أيادي خفية من أجل القضاء على الوازع الديني و تسفيه الديانات و نشر جميع مظاهر الحياة غير الأخلاقية و المتعارضة مع القيم و المبادئ الصحيحة، و محاولة جعل الناس عبارة عن قطيع من البهائم لا يلتفت إلا للغرائز و الماديات بعيد عن كل هاجس روحي أو أخلاقي، ولا أدل على ذلك هي تلك الصحيفة المغربية التي تعمل لدى هذه الأسبوعية و التي تم تجنيدها من أجل ضرب قيم دينية و أخلاقية أساسية لدى المجتمع المغربي الإسلامي كتنظيمها لعملية الإفطار العلني في وقت الصيام في شهر رمضان، بشكل جرح شعور المغاربة الديني ،و مسهم في ثابت مهم من ثوابتهم الإسلامية، و إذا كان الإرهاب يسوغ عمليات القتل و الدمار التي يعرفها تحت غطاء ديني أساسه الجهاد و نصرة الإسلام و محاربة الكفار فإنه بالنسبة “لتشارلي ” يؤسس جرائمه و مواقفه العنصرية و الاستئصالية تحت غطاء حرية الصحافة و حرية الرأي و التعبير، مع العلم أن الإعلام العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية تؤكدان أن الحق في حرية الرأي و التعبير يجب أن يبقى في حدود عدم المس بالثواب و القيم الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات و لاسيما ذات البعد الديني. ثم أن الإرهاب إذا كان يستعمل مختلف الأسلحة الفتاكة و الأحزمة الناسفة من أجل تحقيق أهدافه غير المشروعة، فأن “تشارلي” يستعمل سلاحا أشد فتكا و أقوى تدميرا وهو سلاح الكلمة و القلم الذي يعد تأثيره المباشر و غير المباشر أقوى على الهدم و الفتك و على قتل جميع المعاني الإيجابية التي تقوم عليها المجتمعات .وإذا كان أيضا الإرهاب يولد في بيئة غير سليمة تطبعها الديكتاتورية و الجهل و الفقر، فإن فكر “تشارلي ” تولد أيضا في بيئة متناقضة و منافقة تضع مبادئ و لكنها تخرقها في العمق ، و تتعامل بها من منطلق الكيل بمكيالين، فإذا كانت فرنسا بلد الحريات، فإن هذه الأخيرة تستعمل بشكل مطلق حينما يكون المستهدف الإسلام و المسلمون ولكنها بالمقابل تضيق و تختنق حينما يتعلق الأمر بالمس باليهود أو الديانة اليهودية تحت اعتبار معاداة السامية.

من كل ماسبق يتبين أن الإرهاب هو “تشارلي ” و أن هذه الأخيرة هي الإرهاب وما يجمهما أكثر مما يفرقهما ، و يمكن اختزال المبادئ التي ينطلقان منها في التطرف و الاستئصال ورفض الأخر وتنفيذ أجندات لوبيات عالمية من أجل تحقيق مكاسب ضيقة و لو على حساب الحرية و الأمن و السلام العالمي.

راديو تطوان-ذ.خالد الادريسي

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.