دينة البشير تكتب: الرحمة فوق القانون!
اهتزت مدينة تطوان الاسبوع الأول من الشهر الجاري على وقع نشر شريط فيديو لفتاة عشرينية في أوضاع جنسية مع صديقها المقيم بالديار الهولندية، والذي لا تظهر ملامحه معها في الشريط.
تناست ساكنة المدينة الحديث عن أوضاعها الاقتصادية المميتة وآخر أنباء تطورات “لقاح كورونا المنتظر”، وأضحى شريط فيديو المحجبة أو صاحبة الخمار في أوضاع حميمة “حديث البلد” ومواقع التواصل الاجتماعي. حماة الفضيلة صبوا غضبهم وأشهروا سيوفهم في وجه الشابة – 28 سنة منفصلة، وأم لابنين، أحدهما يبلغ 10 سنوات، والثاني لا يتعدى عمره 8 أعوام – لما اقترفته من رذيلة في صيف 2018 ، فتجاوبت السلطات الأمنية بل وانساقت مع غضبة الرأي العام وتم إيذاعها بالسجن المحلي بتطوان.
اليوم تقول المحكمة الإبتدائية بتطوان كلمتها، وتقضي بالحكم على الفتاة صاحبة الفيديو الجنسي بشهر نافذ و 500 درهم غرامة بتهمة الفساد والإخلال العلني بالحياء. بدلا من اعتقال ناشر الفيديو المُشهر بها.
إن تهمة الإخلال العلني بالحياء لا تتوفر بهذه القضية، كون الشابة لم تمارس العلاقة الحميمة في ساحة عمومية أمام الملأ.
إن مثل هذه المتابعات والأحكام بمغرب القرن الـ21، تًعثر مسار الحريات الفردية بالبلد، وتعيدنا لعصر “وأد البنات”، ففي الوقت الذي تجتهد فيه حكومات الدول المتقدمة سنّ قوانين وتشريعات لمواجهة حوادث التشهير وكذا التنمر والتأهيل النفسي للمتعرضين لما سبق، نجتهد بل ونتفنن في التدمير المعنوي، استباحة الجسد والحياة الخاصة للأفراد..خبزٌ يومي يتناوله رواد الويب بلا ضمير.
إن القانون الجنائي المغربي، يعيش غربة دستورية واجتماعية كبيرة (وفق وصف وزير العدل المغربي محمد بنعبد القادر بإحدى الندوات) باعتبار أن سقفه أقل جرأةً ومستوىً من سقف الحريات في الدستور، وبحاجة إلى نظرة أكثر رحمة، فالرحمة فوق القانون الذي يسعى في طبيعته للعدالة، والأخيرة لايمكن ان تتنكر للرحمة وللقيم الإنسانية.