دعا الملك محمد السادس في خطاب بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، إلى الابتعاد عن المزايدات السياسية في قضية الماء.
وقال الملك، أمس الجمعة، في قبة البرلمان، إن ” مشكلة الجفاف وندرة المياه لا تقتصر على المغرب فقط وإما أصبحت ظاهرة كونية تزداد حدة بسبب التغيرات المناخية كما أن الحال الراهن للمواد الائية تسائلنا جميعا حكومة ومؤسسات ومواطنين وتقتضي منتا التحلي بالصراحة والمسؤولية للتعامل معها ومعالجة نقط الضعف التي تعاني منها فقد أصبح المغرب يعيش في ووضعية إجهاد مائي هيكلي لا يمكن حل جميع المشاكل بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة رغم ضرورتها وأهميتها البالغة”.
وأكد الملك على” مضاعفة الجهود في كل أبعادها الجدية اللازمة ولاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير والإستغلال العشوائي غير المسؤول لهذه المادة الحيوية”. مشددا أنه “ينبغي ألا يكون مشكل الماء موضوع مزايدات سياسية او مطية لتأجيج التوترات الإجتماعية، وكلنا كمغاربة مدعوون لمضاعفة الجهود من أجل الإستعمال المسؤول والعقلاني للماء وهو ما يتطلب إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء وعلى الإدارات والمصالح لعمومية ان تكون قدوة في هذا المجال”.
الخطاب الملكي يستشرف المستقبل الصعب الذي ينتظر البلد في مسألة الماء والجفاف، يقول الخبير الاقتصادي، عبد الرفيع القادري، أن الخطاب في حد ذاته يتجاوز النسق السياسي والزمن الانتخابي للحكومة، على اعتبار أن موضوع جد حيوي، خصوصا أن الملك وضع الأصبع على جميع الإشكاليات المرتبطة بالسياسة والحكامة المائية.
وأشار إلى أن حديث الملك عن ضرورة الإيتعاد عن المزايدات السياسية في هذه المفات الحيوية والمهمة في استراتيجية المملكة، ضرورة تفرضها وقائع الأزمة المتصاعد في ملف الماء، نظرا لتراكم حالة الجفاف التي تضرب المملكة هذا العام، إذ لا يمكن تحقيق إقلاع اقتصادي دون ماء، والمزايدة السياسية في هذه المسألة من خلال عرقلة بعض مشاريع القوانين إلى غيرها سيزيد من تعقيد الوضع.
وأضاف القادري الخطاب شخص الوضعية التي وصلها إليها البلد، وإلى أين وصل الجفاف والإجهاد المائي”، مؤكدا أنه “استمرارية لبرنامج الماء لسنة 2027، ويعكس طموحات الخروج من الوضع الحالي”، أن “المغرب يستطيع تجاوز المشكل من خلال تنويع العروض المائية لمقاومة التغيرات المناخية”، وزاد: “الخطاب ذو راهنية وطموح ويفتح الباب أمام سبل مواجهة مختلف سيناريوهات شبح العطش”.
وتحدث الملك، وفق الخبير الاقتصادي عن خطوة السدود الحكيمة، وهذا أمر في غاية الأهمية في السياق الراهن، لكن الآن وجب استحضار بعض التشاؤم والمرور نحو الحلول السريعة، مثل تحلية مياه البحر التي تضمن مليار متر مكعب، وستفي بالغرض على الأقل في المناطق الساحلية”.
وفيما يرتبط بموضوع الاستثمار الذي نال بجزء مهم من الخطاب الملكي، اعتبر المتحدث أن الملاحظ هو هذا الربط بين الاستثمار والبعد الاجتماعي، إذ يتعلق الأمر بخلق فرص الشغل بالنسبة للشباب، خصوصا أن الهرم السكاني المغربي اليوم تسيطر عليه الفئة النشيطة، وبالتالي لا بد من توفير خدمات اجتماعية وإحداث مبادرات تهم الشباب، خاصة التشغيل.
إضافة إلى مستوى آخر يرتبط بالاستثمار الكفيل بخلق الثروة، التي من خلالها يمكن تمويل البرامج الاجتماعية والتنموية”، لافتا إلى أن البرامج الاجتماعية المهيكلة التي أطلقها المغرب، خاصة تعميم التغطية الاجتماعية، تحتاج إلى تمويل حقيقي.