أثارت حالات الإصابة بالحصبة التي تم تسجيلها مؤخرًا في بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وبلجيكا، والتي أشارت التحاليل الجينية إلى ارتباطها بأنماط جينية موجودة في المغرب، مخاوف من ظهور متحور جديد للفيروس في المملكة.
إلا أن خبراء الصحة أكدوا أن هذه المخاوف لا أساس علمي لها، موضحين أن فيروس الحصبة معروف باستقراره النسبي، وأن الأنماط الجينية التي تم رصدها في أوروبا هي أنماط معروفة عالميًا، وليست متحورات جديدة.
الدكتور الطيب حمضي، وهو طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، أوضح أن فيروس الحصبة يتضمن 24 نمطًا جينيًا معروفًا، تخضع للمراقبة المستمرة عبر تقنيات التسلسل الجينومي. وأكد أن تسجيل حالات في أوروبا بأنماط جينية موجودة في المغرب لا يعني ظهور متحور جديد خاص بالمغرب.
وشدد الخبراء على أهمية التطعيم كأفضل وسيلة للوقاية من الحصبة، ودعوا إلى الالتزام ببرامج التطعيم الوطنية، ومراقبة الأعراض، والتوجه إلى الطبيب في حال ظهورها. كما دعوا إلى الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة مثل وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.”
وأوضح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية أن “الدول، من بينها المغرب، تقوم بإجراء تحليلات جينومية للحالات المكتشفة لمعرفة مصدر الأنماط المنتشرة وتتبع مسار انتقال الفيروس. وتوصي منظمة الصحة العالمية بإجراء هذه الفحوصات، على الرغم من أن فيروس الحصبة لا يمر بطفرات تغير مناعته أو تقلل من فعالية اللقاح”.
وأبرز المتحدث أنه “من الناحية المناعية، جميع الأنماط الجينية الـ24 لفيروس الحصبة تعتبر متطابقة، أي أن أية إصابة بها تحفز الاستجابة المناعية نفسها. كما أن مستقبلات الفيروس في جسم الإنسان لا تتغير؛ ما يجعل اللقاح فعالا بشكل كبير، بخلاف بعض الفيروسات الأخرى مثل فيروس كورونا، الذي تتطلب تغيراته تطوير لقاحات جديدة”.
وذكر حمضي أن منظمة الصحة العالمية تعمل، إلى جانب الدول، على تنفيذ برامج للقضاء على الحصبة، على غرار ما حدث مع الجدري في عام 1980. ويتطلب القضاء على مرض معين توفر ثلاثة شروط رئيسية.
أول الشروط، التي ذكرها حمضي، هي استقرار الفيروس، إذ يجب أن يكون الفيروس غير متغير حتى يمكن مكافحته بفعالية؛ ثم الشرط الثاني وجود لقاح فعال، مفيدا بأن لقاح الحصبة يتمتع بنسبة حماية تفوق 97 في المائة بعد ثلاث جرعات؛ مما يجعله من أكثر اللقاحات فعالية. أما ثالث الشروط التي تحدث عنها الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية هي عدم وجود حاضن آخر غير الإنسان: على عكس بعض الفيروسات التي تنتقل بين البشر والحيوانات، فإن فيروس الحصبة ينتقل فقط بين البشر؛ ما يسهل استئصاله نهائيا.
وخلص المتحدث عينه إلى القول: “بناء على ذلك، لا يوجد أي سبب للخوف من متحورات جديدة أو من أن اللقاحات الحالية قد تصبح غير فعالة؛ ففيروس الحصبة مستقر علميا، وأي حديث عن متحورات أكثر خطورة لا أساس له من الصحة”.