الحل الرابع في نزاع الصحراء المغربية
يوصف النزاع الدائر حول الصحراء المغربية في الأدبيات السياسية و الأكاديمية بالنزاع ” المفتعل ” من طرف الجزائر من اجل تحقيق مصالح ذات طبيعة ضيقة لا علاقة بالشعارات التي ترفعها وتجعلها غطاءا لترويج أطروحتها الضعيفة حول هذا الصراع من قبيل حق الشعوب في تقرير المصير، و مناهضة الاستعمار و ما إلى ذلك من شعارات أصبح الجميع متيقن من زيفها و من اتخاذها فقط ذريعة من أجل تحقيق أهداف لم تعد خفية لهذه الدولة كإيجاد منفذ على المحيط الأطلسي و استغلال الثروات الطاقية الهائلة المتوقعة في هذه المنطقة، و إضعاف المغرب من اجل لعب دور الريادة الإستراتيجية في شمال إفريقيا و ما إلى ذلك من أهداف ضيقة أخرى .
و إذا كان المغرب بلد الحوار و يسعى دائما إلى حل مشاكله الدولية بطرق سلمية كما أثبت ذلك عبر عدة محطات لعل أبرزها قيامه بالمسيرة الخضراء من أجل طرد المستعمر الإسباني عن أقاليمه الجنوبية، و كما يثبت ذلك في الحلول التي حاول الانخراط فيها من اجل إيجاد حل يرضي جميع الأطراف، تحت رعاية دولية و التي وصلت إلى الحل الثالث الذي اقترحه من اجل ترسيخ حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية في إطار نظام جهوية موسعة يسعى المغرب لوضع أسسها كحل نهائي عادل و شامل لهذا النزاع الذي عمر طويلا و عطل العديد من المشاريع التنموية على المستوى الإقليمي انطلاقا من التعاون جنوب جنوب .
إلا أن تعنت باقي الأطراف و عدم إيمانهم بالحلول السليمة يجعلنا نفكر في حل رابع إذا ما تحقق ربما سيهيئ أرضية خصبة لحل نزاع الصحراء بطريقة سهلة و سلسة و بشكل داخلي بين الأطراف المتنازعة مباشرة و من دون أي تدخل دولي، و يتركز هذا الحل الرابع على مجموعة من الأسس عبارة عن التزامات نذكر ببعضها عبر النقط التالية:
أن تؤمن الجزائر وتتشبع بثقافة حسن الجوار بكل ما تقتضيه من تركيز على التعاون بدل الاختلاف الذي يفرضه القرب الجغرافي .
أن تجعل من التاريخ المشترك أساس متينا لنبد التعصب و الانفتاح على إستراتيجيات تروم التعاون و تحقيق خير الشعبين الشقيقين .
أن تركز على التشابه و التماهي بين الشعبين المغربي و الجزائري من الناحية الدينية و الثقافية و اللغوية و التقاليد و تجعل منها خصوصيات جامعة أكثر منها مفرقة.
أن تصبح الجزائر بلدا له تقاليد ديمقراطية بناء على قواعد انتخابية تحترم فيها المشروعية و إرادة الناخبين و تتخلص من حكم العسكر الذي ظل و مازال جاثما على صدر الشعب الجزائري من خلال تحكمه في تعيين الشخصيات المدنية التي تتحمل المسؤولية السياسية في هذا البلد.
أن تعتمد على إستراتيجيات اقتصادية و اجتماعية ذات طابع تنموي و تتخلص من الاعتماد المطلق على البترول و الغاز في إطار اقتصاد ريعي لا تستفيد منه سوى القيادات العسكرية.
أن تتخذ المغرب قدوة لها في حالة ثبوت حسن نيتها في القيام بإصلاحات سياسية و اقتصادية و اجتماعية بالنظر لما حققه هذا البلد من نجاحات في هذا المجال أعطت نتائج باهرة.
أن يكون لها فكر راسخ بضرورة ترسيخ مبدأ التعاون جنوب جنوب سواء على مستوى ثنائي أو على مستوى تأسيس مغرب عربي يكون له دور إستراتيجي من اجل النهوض بهذه المنطقة التي أصبحت تعيش صعوبات كبيرة على العديد من المستويات.
أن تخصص الأموال الطائلة التي تجنيها من عائدات البترول و الغاز ليستفيد منها الشعب، و تتوقف عن تخصيصها لإذكاء الحرب الإعلامية أو منحها لمكاتب دراسات و قوى ضغط فكرية و سياسية أجنبية من اجل الدفاع عن أطروحتها المغرضة.
أن تكف عن إلهاء الشعب الجزائري بقضية الصحراء لان هذا الأخير مؤمن أن القضية ليست قضيته ، و أن تركز على ما يهم الشعب و يضمن مصالحه انطلاقا من التركيز على التنمية و الديمقراطية.
أن تعمل على الكف عن تسليح و تهميش المغاربة المغرر بهم في تندوف و أن تساهم انطلاقا من نظرة حقوقية و تنموية على بلورة حل يساهم في عودتهم إلى وطنهم خاصة أن المغرب تبنى منذ مدة طويلة شعار “إن الوطن غفور رحيم “.
لقد تبين أن الاستقرار السياسي سواء على المستوى الداخلي آو الإقليمي أو الدولي هو أساس ترسيخ الديمقراطية و التنمية ، و إذا كان المغرب قد حقق خطوات كبيرة في هذا المجال فذلك يعود بالأساس إلى الاستقرار السياسي الذي ينعم به و النظام الديمقراطي الذي رسخه تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، و أيضا يرجع إلى التركيز على أن التنمية أساسها الإنسان انطلاقا من مقاربة تروم تحقيق التنمية البشرية و التركيز على الرأسمال اللامادي الذي هو ركيزة التنمية، و ليس إلى حكم الجنرالات على المستوى السياسي و لا على اقتصاد الريع على المستوى التنموي، و يكفي التأكد من صحة المقاربة أعلاه، ومن منطقية الحل الرابع المشار إليه أن يتم القيام بزيارة كلا البلدين و سيتأكد بالملموس حجم الفوارق السياسية و الحقوقية و التنموية التي تفصل بين البلدين .
راديو تطوان-الدكتور خالد الادريسي