تستنفر السلطات المحلية والإقليمية عناصرها وأجهزتها بمختلف المدن المغربية كلّما هبّت على البلاد موجة برد أو صقيع، خاصة خلال فصل الشتاء من كل سنة، إذ يعمل المتدخلون على تنظيم حملات لجمع الأشخاص الذين لا مأوى ولا ملجأ لهم غير الشارع العام، ليتم نقلهم إلى مراكز ومؤسسات الرعاية الاجتماعية المنتشرة عبر ربوع المملكة، في وقت يجد مسؤولو مدينة تطوان أنفسهم في حرج لإنجاح تدخلاتهم، نظرا لغياب مراكز خاصة بإيواء تلك الفئة المجتمعية بعاصمة الحمامة البيضاء.
ورغم موجة البرد والصقيع التي تعرفها المدينة ،كغيرها من المدن المغربية خصوصا بالليل لم تلتفت السلطات المحلية والإقليمية بتطوان، لهذه الفئة التي تعاني في صمت داخل أزقة المدينة العتيقة وعدد من أحياء المدينة ، في حين عندما تعرف المدينة زيارة ملكية ، تقوم السلطات بتحويل جناح بالمستشفى الإقليمي سانية الرمل من مرفق خاص بالتطبيب إلى مؤسسة للرعاية الاجتماعية، إذ يتم نقل الأشخاص بدون مأوى وفي حالة تشرد ، ووضعهم إلى جانب المرضى والمريضات، فيما يتم ترحيل الباقي للمدن المجاورة إلى حين انتهاء الزيارة.
أمام هذا الوضع المزري لم يهدأ بال عدد من الفاعلين الجمعويين بالمدينة بمبادرات سابقة لحماية المشردين من موجات البرد بالمدينة، ونشير هنا إلى الحملات الكبيرة التي تقوم بها جمعية رواحل الخير بتطوان وجمعية بلسم التي استهدفت الأشخاص بدون مأوى كانت مناسَبة سانحة، على غرار السنوات الماضية، للوقوف على هول المشكل وعظم الكارثة، ما دفع بالمنخرطين في هذه المبادرات الخيرية إلى طرح مجموعة من التساؤلات الجوهرية المرتبطة بالموضوع، والمطالبة بضرورة إحداث مراكز إيواء المشردين وحل المشكل بشكل جذري من جهة ثانية، عوض اعتماد حلول ترقيعية”.
وتساءل المتطوعون في هذه المبادرات الخيرية، في تصريح لجريدة راديو تطوان الإلكترونية، عن مصير أموال وميزانيات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتطوان طيلة 11 سنة الماضية، وسبب عجز الجماعة الحضرية بتطوان، رفقة باقي شركائها، سواء الفاعلين الاجتماعيين أو السلطات المحلية والمنتخبة، في إنشاء مراكز لإيواء المشردين والمتخلي عنهم والأشخاص بدون مأوى ، ومدى مسؤولية المجالس الجماعية في إنشاء مشاريع اجتماعية من ذلك النوع.
ودقت الجمعيات المشاركة في هذه المبادرات الخيرية التطوعية ناقوس الخطر، والتي انخرطت مند شهرين في مشروع اجتماعي الرامي إلى تخفيف معاناة أكبر عدد ممكن من الأشخاص بدون مأوى، من خلال توزيع الوجبات الساخنة وجمع ملابس وتوزيعها عليهم، بتمشيط المدينة طولا وعرضا وداخل أزقة المدينة العتيقة حيث تم رصد أكثر من 500 حالة في وضعية تشرد، مبرزة غياب إحصائيات رسمية لهؤلاء الفئة من المجتمع، مما يستوجب خلق مراكز ومؤسسات اجتماعية تشتغل على شؤون هذه الفئة من المجتمع.
يذكر أن جمعتين بتطوان تعبئتا في تدبير موجة البرد الأخيرة تميّزت بفعالية كبيرة، يُمكن أن تُدرّس في باقي الأقاليم، نظرا للتعبئة الشاملة التي عرفتها العملية من أجل حماية المشردين، وانخراط فيها عدد مهم من الشباب وسكان المدينة بوعي ومسؤولية وتضامن ، ما ساعد على تعبئة الموارد وتوفير الحماية والرعاية الاجتماعية بإمكانيات مهمة في غيام تام لمساعدات المسؤولين من السلطات المحلية والمنتخبة بالمدينة و باقي المصالح الإدارية والاجتماعية.